لماذا يدور نقاش بل جدل كلما نطق أحدٌ بكلمة فلسفة؟
الجواب سهل: في مجتمع ما زال يناقش مكانة المرأة ولباسها وعملها، ويناقش مشروعية الترحم على مواطنين موتى من دين آخر، ويمنع الثقافة الجنسية، من الطبيعي أن يدور جدل الفلسفة! قيل الكثير عن الفلسفة عبر العصور: من تمنطق تزندق! والفلسفة أسُّ السّفه والانحلال! وهوجم كل عربي تفلسف، وكُبت كل طفل أثار سؤالًا وجوديًّا، وعُذِّب معظم من فكر، وحُرِقت كتب الفلسفة والعلوم، ورُفع شعار العلوم الباطلة وهي كل ما عدا كتب الفقه والتفسير تحت شعار:
خير العلوم ما جاء فيه: قال حدّثنا… في ظل هذه الأوضاع يمكننا فهم الموقف من الفلسفة!!
قدموا لنا كل الإجابات عمّا نأكل ونشرب ونقول ونلبس، وكيف ننام وأين نذهب! ولم يسمحوا لنا بسؤال واحد!
أقول دائمًا: ما قيمة الإجابات إذا ماتت الأسئلة؟
والفلسفة أسئلة تحفزك وتتحداك للبحث عن الإجابات!
وإذا كانت الأسئلة ممنوعة فكيف نتوقع أن يرحبوا بالفلسفة؟
من متابعاتي: منكرو الفلسفة أنواع: من يدعون ضعف صلتها بالدين، مع أن هناك فلسفات إسلامية ومسيحية وحتى زرادشتية وكونفوشية وبوذية، وهناك بل معظم الفلاسفة مؤمنون ومتدينون!
وهناك من يدعي أن لا ضرورة للأسئلة لأن جميع الإجابات معروفة، والأسئلة تقود إلى ما لا يحمد عقباه!
أما الجيل الثالث الحديث فيقول: غاية الفلسفة التفكير، والتفكير مهارات يمكن أن تتخلل جميع المواد الدراسية! أتفق مع هذا الرأي شكلًا لكن لماذا نرفض مصطلح الفلسفة؟ كل المواد تعلم التفكير إذن لماذا ندرسها؟
ولماذا لا نجعلها مهارات؟؟
أرى أن هذا النوع الثالث لا يريد فلسفة ولا يريد تفكيرًا وأن منطلقاته كسائر أعداء الفلسفة!
نعم يمكن أن نعلم التفكير دون فلسفة مقررة! لكن منبع التفكير وغاياته ومبرراته ومظاهره هي الفلسفة، فإذا علمنا التفكير-ولن نعلمه-نكون علمنا فكرًا في فراغ!
الفلسفة تفكير وأسئلة وفكر ومذاهب أخلاقية وجمالية وتفسيرات للحياة ومواقف منها!
فهي ليست مجرد مهارات تفكير!
وأخيرًا! أعداء الفلسفة الألداء هم أنصارها الذين خذلوها عدة مرات بتقديم مناهج جامدة رفضها المعلمون والطلبة!
فهل ينجح المركز الوطني للمناهج باختيار منهاج عملي حياتي!؟
أشك طبعًا!
إذن نقاش الفلسفة بين من يتمنون فكرًا وتنويرًا وحداثة وبين تخلف الخوف والجهل والظلام والثبات!