إن الناظر في العلاقة بين الحاكم والمحكوم على سطح الكرة الأرضية يجد التباين بين الشعوب واضحا".
فهناك كثير من الدول تظهر فيها العلاقة بين الطرفين برتابة ونمط محدد حيث تحولت الرؤى والمبادئ إلى دستور ثابت لا يجرؤ أحد على تجاوزه فهو الفيصل كما قال أوباما " القانون هو القانون" وهذه الصورة الحضارية راسخة في الدول الغربية ودول أخرى اعتمدت نفس النهج حيث يتم تداول السلطة بطريقة سلسة بناء على صناديق نظيفة صادقة وبرامج محددة المعالم ، حيث ينحصر دول الشعب في التصويت بحرية لمن يريد ، ثم ينتقل لمراقبة الفائزين الذين يتحولون إلى سلطة نيابة عن الشعب ، وينصرف الناس لأعمالهم المعتادة ، وتنصرف السلطة لتنفيذ ما وعدت به من إيجابيات لصالح أبنائها.
وبهذا يغيب التوتر والشتم واللعن والسب ومصطلحات الخيانة والعمالة واللصوصية والادعاءات الفارغة والدجل والكذب والخداع ولا يكاد الناس يعرفون من يقودهم لأنهم معنيون بالبرنامج وليس الشخوص ، فأين كاميرون ميركل وبوش وهلموت كول ؟.
في عالمنا العربي والإسلامي غالبا" تقوم العلاقة على الصراع والاحتيال والامتصاص ومصائد المغفلين والتضليل والنفخ والطبل والتزمير . رئيس عربي كان يقول : إن روحي ترفرف تحت قبة البرلمان تشاهد وتسمع كل شيء !!. ورئيس عربي انقلابي تحول بالتضليل إلى حبيب الأمة ومنقذها حتى لو ضيع البلاد والعباد . مسؤول عربي كان يقول لشعبه الملايني: لقد خاطبناك وقلنا لك !! فضمير عشرات الملايين ضمير مفرد !! بينما ضميره ضمير الجمع !! انه لا يرى إلا نفسه ، فالقطيع ليس بشيء اما هو فكل شيء ، ومن نسي فالصور التي تملأ الآفاق تذكره صباح مساء ، ومن مل فلا بد من تعليمه عدم الملل من حبيب الجماهير فهو الكل، والكل لا شيء !! .تحررت شعوب من الصنمية بينما نحن العرب والمسلمين الذين ننتمي للأنبياء الذين حطموا الأصنام غير قادرين على تحطيم الصنمية والانتقال إلى الموضوع لا الشخص . الشخص يزول بينما الموضوع باق . الشخص يدهور وينحرف بينما البرنامج يسير سيرا" مستقيما" . الشخص يخطئ وقد يمارس الخطيئة بينما البرنامج يبني المداميك ويرتقي بالبنيان .
ولأعداء حضارتنا ونهوضنا دور في تلميع الأصنام ووضع السدنة حولها من النفعيين والمنافقين واللصوص ، وكل له سعر ، وكل له أجرة لا فرق بينهم وبين بائعة الهوى كما قالت الراقصة للسياسي في فلم " الراقصة والسياسي" : لا فرق بين وبينك سوى أنني أهز وَسْطي وأنت تهز ذَنَبك ، وكله هز !!
فالدعم الخارجي والكورس لا يكفيان بل لا بد من العصا لمن يعصي، ولو بالتلويح لتبقى الرؤوس منخفضة .
لقد كشف الربيع العربي حجم المأساة التي تنتشر في البلدان لأن الصنم كان يظن أنه باق
" إلى الأبد يا ...." وسرعان ما وجد نفسه في العَبّارة يرجو ويلتمس بعد أن كان يقول عنهم " فئران" !! أوخلف القضبان يطالب بالعدالة التي قُتلت في عهده ، أو هائما" بطائرة بعد أن كان سيد المُهَجِرين لكل حر شريف .
إلى متى تبقى هذه الأحوال ؟
لا حل إلا باعتبار الناس بشرا" لا قطيعا" .
ولا حل إلا بتحول السلطة إلى مكان لخدمة الناس .
لا حل إلا بالصناديق النظيفة .
لا حل إلا بتعليم الناس حقوقهم لا حل الا بالتربية الحقيقية .
لا حل إلا بالممارسة الصادقة .
لا حل إلا بإعلام صادق .
لا حل إلا بفتح صفحة جديدة تسير فيها الأمور بانسياب السلطة وتداولها .
لا حل الا بالموضوع لا الشخص لا حل الا بسيادة القانون سيادة حقيقية على الحاكم و المحكوم .