بعد المحطات والمراحل الاقتصادية الصعبة تترك اثرا سياسيا واضحا في علاقة الاردنيين مع الحكومات او مع الدولة، والمرحلة التي نعيشها خلال الاشهر الاخيرة صعبة على الناس وهناك قناعة بأن كل شيء قد ارتفع سعره وان كلف المعيشة اصبحت متعبة جدا للمواطن وخاصة في ظل ثبات الرواتب ووجود اثار كورونا واضحة على قطاعات عديدة فضلا عن مشكلتنا الكبرى البطالة وابنها البار الفقر .
وزاد الشعور بصعوبة الاوضاع مع قرار رفع المشتقات النفطية مع بداية شهر أيار بعد تثبيت لمدة ثلاثة أشهر، وهذا القرار رفع اثمان المشتقات بشكل مرهق ،وكان يمكن ان يمتص المواطن هذه الصدمة لولا ان كان اعلان اكثر من وزير اننا مقبلون على اربع رفعات متتالية للمشتقات النفطية، وبدأنا نسمع ارقاما عن سعر تنكة البنزين العادي المتوقعة بان تصل الى ٣٠ دينارا وهو رقم فلكي في تاريخ علاقة المواطن بالبنزين، وهذا يعني انه سيترك اثرا على الكثير من السلع والخدمات، أي وجبة شاملة من الغلاء مرة أخرى.
ليس مهما لدى الناس ما تقوله الحكومة عن السعر العالمي او فقدانها مئات الملايين نتيجة تثبيت الاسعار، لكن القناعة الشعبية اليوم ان الاردني يدفع سعرا غير حقيقي للمشتقات النفطية بسبب الرسوم المرتفعه عليها والاهم ما نسمعه في كل جلسة من قناعة بان كلفة المعيشة تجاوزت قدرات ليس صاحب الراتب القليل بل حتى من يتقاضون رواتب عالية.
القصة الاقتصادية هي الاهم اليوم لدى الناس ولا يتوقفون عند أي حديث آخر عن أي اصلاح في أي مسار، والناس تشعر انها ستكون فريسة لارتفاعات قادمة ستجعل تأمين متطلبات الحياة العادية أمر صعب جدا.
هذا المشهد هو الغالب على عقول وقناعات ومجالس الاردنيين، وهو مشهد سيترك اثارا سياسية كبيرة وصعبة، فلا قيمة لأي حديث أمام خبر رفع سعر سلعة ،ولم يعد هناك مكان في عقل الاردني لأي قصة مهما كانت مهمة للدولة، ولا مجال لأي حكومة ان تسوق أي قضية أمام هيمنة الوضع المعيشي على الاردني.
وكما أن الدفاع المدني يطفىء النار ويقضي على الحرائق، فإن هناك حاجة الى دفاع مدني سياسي يهدىء من روع الاردنيين المعيشي ويوقف زحف القلق الاقتصادي الذي عمل الخطاب الحكومي على تأجيجه من خلال تصريحات غاب عنها الاحتراف السياسي "وبشرت" الاردنيين بمزيد من صعوبة العيش خلال الشهور القادمة .
نعم هناك اسباب كثيرة لما جرى لكن واجب المسؤول السعي ما أمكن للتخفيف على الناس، واليوم الدولة بحاجة الى دفاع مدني سياسي يعيد التوازن للناس ويوقف زحف الغلاء ما أمكن، فلا قيمة لأي كلام رومانسي عن المستقبل اذا رافق الكلام وجبة رفع اسعار .
لا نملك ترف الوقت لاستدعاء الدفاع المدني السياسي فالقلق المعيشي كبير .