بين عنف هنا .. وعنف هناك!
ناديا هاشم العالول
13-06-2022 11:36 PM
حثتني أسباب عدة على كتابة هذه المقالة منها مشاهدتنا مؤخراً الفيديو لطفل أميركي لا يتعدى الخمس سنوات أجاب على سؤال طُرِحَ عليه: ماذا تحبّ أن تصبح عندما تكبر؟
فردّ بكل فخر: «أحب أن أصبح قاتلاً.. كي أقتل كل الناس»!
شارحاً أسبابه كاستمتاعه برؤية لمشاهد العنف والقتل.. (نقطة وسطْر جديد)!
ولا عجب.. فانتشار الأسلحة وسهولة التشريعات تجعلها تتدفق بين أيدي الناس في الولايات المتحدة مما يفتح المجال للمراهقين بفتح النار على مدارسهم او مدارس الغير فيقتلون ويجرحون هكذا وبدون مقدّمات دون أن يرفّ لهم جفن..
متذكرين بهذه العجالة حادثة إطلاق النار في مدرسة «روب الابتدائية» بولاية تكساس الأميركية ارتكبها منذ أسبوعين مسلّح يبلغ من العمر 18 عاماً وهو طالب من مدرسة «أوفالدي الثانوية» ليفعل فعلتَهُ بالمدرسة الإبتدائية بعد أن أطلق النار على جدَتِه.. حيث أصاب 21 شخصاً بينهم 18 طفلاً ومعلمة بين قتيل وجريح.. وعلى الأقل 14 قتيلاً!
بالإضافة إلى هذا تمّ مؤخراً رصْد مقطع فيديو بالأمس وصفَتْهُ وسائل الإعلام الغربية بأنه صادم لطفل يبلغ 12 عاماً حيث يظهر فيه وهو يُخْرِجُ من حقيبة ظهره مسدسا عيار 9 ملم، ويطلب المال من العاملة في المحل التي لم تتجاوبْ معه مما جعله يطلق رصاصات تحذيرية نحو سقف المحل التجاري مما اضطرها إلى مدّ الطفل بالمال المتوفر فحمله وغادر بهدوء..
ويا لبرود الأعصاب التي تحّلى به لكثرة مشاهداته للعنف سواء على «السوشال ميديا» أو بالواقع أو بالألعاب الإلكترونية العنيفة التي تشدّ الصغار والمراهقين لساعات طوال تسلّيهم وتغسل دماغهم شيئا فشيئا..فيطبقون مشاهداتهم على أرض الواقع مما نشر ثقافة العنف واصبحت اسلوب حياة سببها السّماح بتملّك السّلاح بكل سهولة..
أما ماذا تم بشأن هذا الطفل فقد تمّ احتجازه في مركز للأحداث إلى حين موعد جلسة الاستماع في وقت لاحق من هذا الشهر بتهمة «الّسطو المسلح والاعتداء بسلاح خطر وإطلاق النار»
وكما هو معروف فالسلاح المنتشر بالولايات المتحدة الأميركية يتسبب بمعدل (70 – 80 ألف) ألف إصابة سنويا اي ما نسبته (2،23) لكل 100 ألف مواطن أميركي، وما زال الجدل قائماً منذ سنين طوال بين الكونغرس وجمعيات المجتمع المدني ومواطنين اميركيين حيث تتضارب الآراء بين ما إذا «كان حمْل السلاح حق شخصي للدفاع عن النفس».. «واخرى تعارض حرية تدفقه لكونه خطرا على الأرواح»..
بالمناسبة أذكر منذ عقدين من الزمن بإحدى زياراتي العمليّة للولايات المتحدة أُتيح لنا اثناءها لقاء العديد من السياسيين الأميركيين بالكونغرس والخارجية الأميركية حيث تساءلتُ بدوري عن الفائدة وراء حرية انسياب السلاح في الولايات المتحدة.. فخطره أكبر من فائدته..
لتأتيني الإجابة من أحد المسؤولين عندهم بقوله:
«حوادث السيارات عندكم بالأردن تشكّل خطراً أكبر من حوادث اطلاق عندنا، فهي أشبه ما تكون بحرب أهلية تخلّف وراءها القتلى والجرحى»!
حينها أُسْقِط بيدي.. فعلاً.. فسوء استعمالنا للمركبات على الطرق تجعلها بمثابة أسلحة فتاكة تجرح وتقتل بلامبالاة.. علاوة على «مخالفة المشاة لقواعد المرور» مما جعلنا نتصدر قائمة أكثر البلاد بحوادث الطرق!
كلا.. هذا ليس بجلد للذات!
فإنْ لم ندرك أبعاد مشكلتنا هذه لن نعرف السيطرة على توابعها الناجمة عن الاستخفاف بقوانين وقواعد المرور..
فمثلا خلال عام 2020 بلغت حوادث السير عندنا أكثر من 120 ألف حادث.. وبخسارة وصلت إلى 200 مليون دينار سنوياً حيث تسببت بـ 461 وفاة ما بين مشاة وسائقين وركاب.. نتيجة حوادث صدم ودهس وتدهور.
فمثلاً يقع حادث مروري ينتج عنه خسائر بشرية كل ساعة على الأقل ويُصاب شخص كل 41 دقيقة في حين يتسبب الحادث المروري بوفاة شخص واحد كل 19 ساعة..
بلغت الكلفة التقديرية للحوادث 296 مليون دينار أي بمعدل يومي يصل إلى (811) ألف دينار..
وماذا بعد؟ فقد باتت المركبَة أشبه ما تكون بسلاح فتّاك يجرح ويقتل بحرب مرورية ناجمة عن نقص واضح في الفن والذوق والأخلاق..
(عند البعض).. فلنتق الله يا عباد الله.
(الرأي)