يتفق معظم أصحاب النظريات الإدارية بأن الإدارة هي تحقيق أهداف المنظمة/المؤسسة بكفاءة وفعالية بواسطة العاملين. ويُستخدم هذا المصطلح (الكفاءة والفعالية) بكثرة بين المدراء والعاملين؛ ونعني بالكفاءة تحقيق الهدف أو الوصول إلى النتيجة المرغوبة بأحسن طريقة ممكنة وبأقل مايمكن من التكاليف والوقت والجهد. أما الفعالية فتعني تحقيق الهدف أو الحصول على النتيجة المرغوبة أو المتوقعة.
وتقوم معظم الشركات العالمية بالتنافس الحاد فيما بينها للحصول على الموارد البشرية (رأس المال البشري) التي تتوفر فيها المهارة والكفاءة العاليتين والمحافظة عليهم وتدريبهم لتحقيق أهدافها.
وأعتقد بأن على الإدارة الحكومية أن تستفيد من خبرة إدارة الأعمال خاصة في الشركات المتقدمة؛ والعالم مليء بها لتطوير آدائها. وأستذكر هنا المدرسة العُليا للإدارة في فرنسا قبل أن يقوم الرئيس الفرنسي الحالي Emmanuel Macron لإلغائها للأسف ولا نعرف أسباب ذلك.
تقوم هذه المدرسة بفتح أبوابها للمتقدمين للدراسة فيها من خلال مسابقات تتسم بالشفافية والعدالة في اختيار المتسابقين الناجحين ويتم توزيعهم على تخصصات مختلفة سياسية واقتصادية وإدارية ومالية ...الخ ولا تقل مدة الدراسة فيها عن سنة واحدة؛ وبعد ذلك يتم توزيعهم على مختلف الأجهزة الحكومية. وقد تبوأ العديد من خريجي هذه المدرسة مراكز عُليا في الدولة الفرنسية.
ومن التجربة الفرنسية يمكن أن تعمل الحكومة على تطوير معهد الإدارة العامة لإعداد قادة إداريين في التخصصات المالية والإدارية والإقتصادية على أن تتصف عملية اختيارهم بالشفافية والعدالة في كافة الإجراءات، وأن لاتقل مدة إعدادهم عن سنة واحدة تتخللها فترة تدريب وأرى أن لاتقل مدتها عن ثلاثة أشهر في إدارات الدول المتقدمة للإطلاع على تجاربها.
إضافة إلى ذلك؛ تطوير المعهد الدبلوماسي من عقد البرامج التدريبية القصيرة المدى إلى الدراسة لفترة لا تقل عن سنة واحدة لإعداد دبلوماسيين على مستوى رفيع كما هو الحال في الدول المتقدمة بدلاً من إجراء المسابقات التي تتعرض لإنتقادات. وتعتبر أكاديمية الملكة رانيا العبد الله نموذجًا يُحتذى به في إعداد المعلمين والمعلمات.
قد يقول البعض أن الجامعات الأردنية سواء كانت حكومية أو خاصة تقوم بهذا الدور والجواب على ذلك لا أعتقد بأن جامعتنا في وضعها الحالي قادرة على ذلك والدليل على ذلك البطالة العالية بين خريجي هذه الجامعات حيث يشكو العديد من أصحاب الفعاليات الاقتصادية من ضعف مستوى معظم خريجي الجامعات وخاصة في المجالات التكنولوجية والعلمية واللغات الأجنبية، وكذلك يشكو العديد من المواطنين عند مراجعة بعض الدوائر من أعطال في الأنظمة التكنولوجية. وهذا ضياع في الوقت والجهد والمال على كل من الإدارة والمواطن.
الأمر الذي يتطلب إعادة تأهيل الخريجين وتدريبهم حسب احتياجات السوق. وبالرغم من أن هناك العديد من الدعوات للتوجه إلى التخصصات المهنية، باعتقادي أن هذا التوجه يحتاج إلى دراسة متعمقة للسوق تقوم على بيانات احصائية حقيقية وتحليلها ووضع خيارات وتقييم كل البدائل المتاحة وبعد ذلك صناعة القرار السليم.
إن صناعة القرارات تحتاج إلى مداخل رياضية وإحصائية وهذا ما تفتقر إليه الإدارة العامة. والمشكلة في القرارات أن أثرها لا يظهر إلا بعد اتخاذها مما تتصف بضعف مخرجاتها وليس صناعتها حسب الأسلوب العلمي (تحليل الموقف، جمع البيانات وتحليلها،تحديد البدائل واختيار البديل المناسب ) وغالبًا القرار السيء يصعب إصلاحه.