في الأخبار أنّ الرواتب ستصرف لأنصار فتح في الضفة الغربية، وستمنع عن أنصار حماس في غزّة باعتبارهم انقلابيين على الشرعية، وهذا في حقيقة الأمر أوّل أمطار العاصفة التي تفصل فلسطين عن فلسطين ، والفلسطينيين عن الفلسطينيين. وفي الأخبار ، أيضاً، أنّ السلطة الشرعية التي تمثّلها فتح بالطبع تخشى من قيام اللاشرعية الممثلة بحماس بأعمال سطو على البنوك لتحصيل الرواتب ، وهكذا فنحن هنا لا نتحدث عن فصل فحسب ، بل عن حرب عصابات وشوارع كتلك التي كانت تشهدها نيويورك في الثلاثينيات والأربعينيات بين عائلات المافيا.في يوم قال محمود درويش إنّه ليس هناك من نهاية للسقوط في القاع ، فالقاع بلا قرار وبلا آخر ، وحين يتم السقوط به يعني أنّ السقوط سيظلّ سقوطاً بلا نهاية ، وسقوطاً بعد سقوط ، وهذا ما وصلت إليه فلسطين في هذا الزمن الذي يصفّي به أبناء القضية قضيّتهم.

ولا تعطي إسرائيل للسلطة التي تؤيدها وتسمّيها شرعية فرصة لالتقاط الانفاس ، وهي تمنح هبتها على شكل نسب من أموال ضرائب مستحقة بيدها الشمال ، وتضرب في نابلس وجنين في يدها اليمين ، تاركة العشرات من الشهداء ، وسمعة الحكومة الجديدة في التراب ، وفي آخر الأمر فتفشيل حكومة سلام فياض هو الحقيقة التي ستفرض نفسها على الأرض بعد قليل.

لا بديل عن انتخابات جديدة في فلسطين المحتلة ، ولا بديل عن فرض وعي جديد بالحوار لا بالقوة ، وإلاّ فليرحل كلّ هؤلاء الذين أوصلوا قضيتهم إلى الحضيض ، وليعد الاحتلال المباشر: فمعه قد تتشكّل حقائق جديدة على أرض الواقع ، وهذا ما كان يفعله الشعب الفلسطيني على مدار عشرات السنوات.