منذ ثمانية أشهر وأنا أواظب على كتابة المقالات ، وتحديدا" في يوم الأحد من كل أسبوع ، عن موضوع معين يؤرق المواطن الأردني ، أو عن قضية أو حادثة أو خاطرة ، ابتداء من مقاطعة الانتخابات مرورا" بأزمة "الخيار" ووصولا" لأسس التعيينات.
وفي كل يوم أحد ،وتحديدا" عندما يكون موضوع المقال عن قضية تتعلق بالأداء الحكومي ، أو يحمل نقدا" موضوعيا" ، أو قراءة تحليلية .. تنهال علي المكالمات الهاتفية من الأصدقاء والأحبة وزملاء المهنة ، ليس مديحا" أو إطراء" بالموضوع الذي كتبت ، بل للإستفسار والإطمئنان عليً ، ويجمعون على سؤال واحد محدد وهو : حكوا معك ؟
كنت دائما أطلق العنان لضحكتي ، قبل أن أجيبهم بردي الوحيد : لا ، لماذا !
والآن أقول .. لكل من سألني ، نعم ..حَكوا .
حَكوا معي .. لا أعني القاعدين في "الكرسي "، بل على "الكراسي" .. حَكوا معي ، "حَكي أخوي ".
وحكينا حَكي "علي " رأسي .. حَكي أخوي بأخوي.
وعكس حال العروبة .. كان هناك توافق بأنه ليس هناك ما يمنع من الكتابة في بلد الحريات، التي أراد سيد البلاد السماء سقفا لها ، وأن يكون نقد الأداء الحكومي البناء، مطلبا لا رجعة عنه .
ومن خلال الحديث الأخوي ، كانت الكلمات توجه إلي وكأنها منبهات إذ أن كتابة المقالات في منبر آخر غير الذي أعمل فيه ؛ تعد مخالفة لمدونة السلوك التي تفتقد إلى القيمة القانونية ، لأن القانون أقوى من المدونات ، كما أنني بمقالاتي خالفت نظام الخدمة المدنية؛ الذي يمنع عملي في جهة أخرى ، إلا بأذن مسبق من رئاسة الوزراء - كوني أعمل في الإعلام الرسمي - مع العلم بأنني لا أتقاضى أي راتب أو أجر نظير مقالاتي التي لم يتحملوا ليونتها ، ووجدوا فيها مخالفة لأحاسب عليها.
كما تم تذكيري بأنني عضو في مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين .
أعتقد .. أن المواطن الأردني، حاله حال أي إنسان في كل بقاع الأرض؛ يعيش بشخصيتين ورأيين ، إحداها يعبر فيها عن رأيه الشخصي في نطاق العمل، وأخرى يصرح من خلالها عن رأيه خارج نطاق العمل.
في اللقاء...........
تحدثنا كثيرا" .. جمعتنا نقاط ، واختلفنا في نقاط أخرى ، وهذه سنة الحياة ؛ وإلا لماذا ينادي العالم بالتعددية .
لا أحد يختلف أن أساس العمل الإعلامي الحياد والموضوعية ، ولكن الآراء ربما تتنوع عندما نتحدث عن دور الأعلام الرسمي الذي ليس بالضرورة ان ينحصر بالثناء على الحكومات عندما تقوم بدورها المنوط بها ، إنما العمل الأساس له هو تنبيه الحكومات عن مواطن الخلل في أداء أجهزتها .. لتقوم بتصويب وضعها .. واختلفنا أيضا على أن من يعمل في الإعلام الرسمي يحظر عليه الكلام، وأن يكون له رأي مغاير.
كان حديثا خفيف دم ، من فصيلة " أ " ، يعني أردني ذو اللزوجة العالية ،لملاءته بحب الوطن ومصالحه الغالية على قلوبنا دون منازع.
وانتهى اللقاء ،" وحكينا حكي مهم" على رأي المثل الشعبي " حط النقط على الحروف وشوف شو بتعمل الظروف!!"
وبعد تفكير ليس بطويل ، ولضمان تنقية الكلمات قبل خروجها ، وعدم نقل العدوى للآخرين ، مررت في صبيحة اليوم التالي على المستشفيات الحكومية، للحصول على كمامة ، فلم أجدها متوفرة ، ولا حتى في المراكز الصحية، التي تزود المؤمنين طبيا على نفقة الحكومة ، ومنهم موظفي القطاع العام ، والإعلام الرسمي أيضا ، إلا أنني لم أجد واحدة ، وعند سؤالي عن سبب شحها ، كانت الإجابة التي تلقيتها : نفذت .
فكرت ، ووجدت بأنني لست الوحيدة المطلوب منها تنقية كلماتها قبل خروجها .. فمن متطلبات المرحلة " كما اعتقد " التنقية .
وفي النهاية .. أحب أن أهدي كل من يقرأ هذا المقال أغنية " علي يا علي " للمطربة صباح أطال الله في عمرها : -
الأقي زيك فين يا علي .. وأنت في العين دي ، والعين دي يا علي
يا كاويني يا علي .. يا ناسيني يا علي
على عيني يا علي .. يا علي .. علي
ما دومش يا علي
مقدرش يا علي
يحكمش يا علي
على عيني يا علي .. يا علي .. علي
لو تمشي يا علي
مقدرش يا علي
ولا طيقش يا علي
ما يهونش يا علي
على عيني يا علي .. يا علي .. علي
Jaradat63@yahoo.com