بين ثابت مرن تميل أغصانه إذا اشتدت العواصف لتبقى جذوره ثابتة في مكانها حتى لا تنكسر، ونهج متغير يتعاطى مع الظرف الموضوعي لإحقاق أعلى درجات الاستفادة، وعامل ذاتي يتم تغذتيته من منابع ذاتية امنية وتنموية وشعبية يقام على تحصينه من روافد موضوعية، تلك هي محددات السياسية الاردنية في التعاطي مع المشهد العام .
وهي المحددات التي أخذت من المدرسة الواقعية سياستها في التعاطي مع المحيط، كما أخذت من المدرسة الليبرالية نهجا لها في البناء الذاتي وما بين هذه السياسية ومحددات تلك العناوين شكلت المدرسة الاردنية نهجها الخاص لتكون مدرسة بشمولية عناوين وهي المدرسة التي أخذت بواقعية للتعاطي مع الامن المحيط، كما أخذت من المدرسة الليبرالية بتطوير منهاج العمل في الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان، وهو ما جعلها تتعامل مع الاهتزازات الموضوعية الناشئة بثبات مهما تغيرت رياحها او تبدلت مناخاتها الموضوعية بطريقة آمنة وهي قادرة على احتواء متغيرات المشهد مهما تعددت انماطه بكل اقتدار .
فالمدرسة الواقعية التي يتخذها الحزب الجمهوري نهجا تقوم النظرية الفكرية لها على معادلة توازن القوى لتحقيق الامن والاستقرار، وتعمل على تقديرات عدم وجود منظومة أممية رادعة قادرة على أن تحقق للدولة الحماية اللازمة في الامن والاستقرار وهي المنظومة التي يتم العمل بموجبها لتأمين مناخات الامن وفضاءات الاستقرار .
وأما الديمقراطية الليبرالية التي ينتهجها الحزب الديمقراطي، فهي مدرسة تقوم منظومة عمل فيها على التبشير والدعوة لليبرالية والديمقراطية، وتسعى لتغيير الانظمة الاستبدادية لتحقيق حياة افضل للمجتمعاتها بهدف ان تصبح المجتمعات تنتهج ذات النهج وتقوم على تأصيل القيم الليبرالية وهي مدرسي تقوم على تصدير الفكر والنهج ولا تقف عند الاستحواذ السياسي، فالمدرسة الليبرالية الديمقراطية يعرف نهجهها بنهج التغيير الناعم، وأما المدرسة الواقعية فتستخدم سياسية واقع التغيير الفض، وما بين هذه المدرسة وذلك النهج تتباين السياسية التقديرية لواقع المجتمعات وتكمن اهمية اسقاط هذه السياسات على بيان الحال .
فالمدرسة الواقعية وان كانت لا ترى أن هنالك أهمية لمنهجية الحكم الراشدة وكل ما تطلبه ان تكون تلك الدولة موالية لها وتقع في دائرة نفوذها، وأما المدرسة الليبرالية فإن اهتمامها فكري وهو نابع من قوانين الدولة ومناهج عملها، فقد أجمعت كلتا المدرستين على جملة سياسية مفادها يقول إن النظام الهاشمي يشكل نموذجا يجمع بين مدنية مجتمع وصلابة قيادة، واصبح الحديث في اروقه بيت القرار العالمي يدور حول امكانية توسيع ظلال الحكم الهاشمي وتعميم تجربته في الحكم وتوسيع محتواها .
وبعدما استطاع الاردن بقيادة الملك عبدالله الثاني من تكوين مركزا للتدريب الامني والعسكري في المنطقة بموجب الاتفاقية الاردنية الامريكية وتكوين مركزا حيويا قادرا على حماية هذه المنطقة باعتراف طرفي معادلة بيت القرار العالمي، حيث استطاع الملك عبدالله الثاني من فرض ايقاعه في القدس بعد اعادة القنصلية الامريكية في القدس الشرقية من قبل البيت الابيض، كما استطاع الملك عبدالله الثاني من تأمين حدوده ونفوذه في المحيط العربي وتقديم نموذج يمكن تصديره للحاضنة العربية من واقع تشكيل نموذج رائد يفرض محتوى آمن ويقدم نموذج ديمقراطي واعد .
ويقوم هذا النموذج على مركزية القرار الأمني وعلى لامركزية في بيت القرار التنموي ضمن تشاركية محمودة ومشاركة مسؤولة، فإن النموذج الهاشمي في الحكم بات نموذجا يمكن تعميمه وتوسيع محتواه وهو ما أعاد الحديث مجددا عن الهلال العربي الهاشمي ليقوم هذا النظام بتنفيذ جملة ارتكاز جديدة في بناء اطار سياسي بناء يكون قادرا على بناء مكانة "جيوسياسية" واخرى "جيواقتصادية" عاملة على حماية المنجزات وصون الموروث الحضاري للقيم الانسانية بمنطقة مهد الحضارات، فالمنطقة قد تكون على موعد يوسع ظلال الهلال العربي الهاشمي ويرسخ محتواه .