احتفالات بالمئوية والاستقلال من خلال محاضرات وندوات وتوزيع أوسمة وإعلام يقدم صورا" للمدن عام ١٩٢١ م وصورا" عام ٢٠٢١م ليقارن الناس " القفزة " !! التي حصلت . غنينا للاستقلال على مدى ثلاثة أيام ضمن برنامج تم إعداده.
جميل ولا اعتراض لأنني لست من السوداويين الذين ذكرهم المسؤول . لكنني من ذوي العقل والتفكير وحُق لي ولكل أردني في هذا الشعب المتعلم والمسيس أن يفحص ما يقال له كي ننهي السوداويين وتقضي عليهم قضاء مبرما" .
السؤال : هل لدينا مشاكل ؟ لا يجرؤ مسؤول البياض أن يقول : لا ، بل سيقول نعم . لكنه سيتبع كلامه بالقول : وهل هناك بلد بلا مشاكل ؟ هذه تسمى مغالطة في المنطق ، فليس وجود مشكلات في البلدان تعفي المسؤول عندنا عن سؤالنا له : حدد المشكلات ، وحدد الأسباب ، ومن هم صناع المشكلات؟ وما هو الحل في رأيك أيها المسؤول ؟
لا نريد حلولا" ارتجالية ولا فردية ولا تخديرية ولا ألعاب أكروبات ولا تعذر بالظروف المحيطة . لا يمكن أن نقول تقدمنا بوجود الطرق والمدارس والجامعات والمستشفيات إلا بعد وضع معادلة الزمن في الحسبان ، فهل هذه الإنجازات كافية خلال مائة سنة ؟ وهل نتحدث عن النوعية والمضمون أم الشكل والعدد ؟ الطرق محفرة هالكة، ولدينا " زفت" لصناعة المطبات ولكنه لا يدفن الحفر !! لدينا أعداد هائلة من السيارات ولكن طرقنا اصبحت كراجات والسير صار من أكبر المشكلات . لدينا جامعات ولكننا دمرناها يوم جعلناها للجباية وصارت قيادة الجامعات وفق نظام الشللية المكافأة والاسترضاء وأهم مؤهل هو " مطواعية" الرئيس لمن يأمره مع الاحترام لكل من ينجز منهم انجازا" ملموسا" . لقد حلبت الحكومة من كل الأردنيين ثمن الجامعات بناء وتجهيزا" عبر رسوم " الجامعات " فإذا جاءت لحظة دخول ولده الجامعة عليه أن يدفع بخلاف كل دول العالم التي تعلم أبناءها مجانا" سواء في بلاد العرب أو العجم أو السنسكريت !! واذا دخلنا لنوعية التعليم فحدث ولا حرج حيث أصبحت جامعاتنا في ذيل القافلة الجامعية الدولية !! وعلى سبيل المثال نجد ترتيب الجامعة الأردنية ٦٠٠ على العالم !! .
وماذا عن " الديمقراطية " التي نفترض تطورها ورقيها وإذ بنا لا زلنا نعيش الانتكاسة تلو الأخرى حيث يهبط المنحنى الديمقراطي باعتراف رئيس وزراء أسبق حيث تحدث عن " التزوير " ونصيحة رئيس وزراء أسبق ان لا تكون انتخابات ١٩٨٩م نزيهة كي لا يأتي بعبع سياسي !! وحديث رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات السابق فور مغادرته بأن عددا" كبيرا" من المقاعد النيابية تم " توزيعها" هدايا السمع والطاعة والتبعية.
وبالرغم من خروج المستعمر البريطاني القديم فالاستقلال أمر يشمل السياسة والاقتصاد فهل حققنا ذلك ؟ خمسون مليار دولار فيما أعلم مديونية حتى الآن والأمر مرشح للزيادة وكأن أي رئيس يتم تنصيبه علينا يقسم في الكواليس أن يطعن البلد باقتراض المليارات وبعدها يأخذ لقب دولة وقصرا" منيفا" في البسفور أو في ضاحية عاصمة عربية أو مهوى الأفئدة " دابوق " مع رصيد كبير وتجهيز الأبناء للمستقبل عبر مسار إداري معروف وقفزات لا علاقة لها بالعدل والإنصاف والمساواة التي تحدث عنها "الدستور" .
مشكلتنا في الأردن أننا نعرف الصواب ونسلك غيره ، نرى الاعوجاج ونصر عليه ، نكثر جيوش التطبيل الطامعين بالمكافآت عبر حسن سلوكهم المكشوف ونحارب من يتحدث بغيرة وحرقة ولسان حاله لا أريد شيئا" والمهم أن لا يغرق المركب. كثير من المحرومين والمتضايقين والمهمشين واليائسين يطرقون أبواب الهجرة النهائية ليودعوا وطنا" لفظهم وضيق عليهم رغم أنهم هتفوا له من قلوبهم ولكنهم اكتشفوا أنهم كانوا مخدوعين من بائعي الوطنية وحب البلد.
أيها المسؤول : أستعير كلمة كان يرددها سماحة الشيخ نوح رحمه الله في خطبه :
( اتقوا الله فقد كفى ما كان) .