وأحسن كما احسن الله إليك: أوان الاستثمار في الصدقات
عاصم العابد
05-09-2010 03:21 AM
شهر رمضان الفضيل العظيم، الذي يحزننا انه يوشك أن يغيب، يقوم على ثلاثة أعمدة هي: العبادة والصيام والصدقة، نعم الصدقة – لمن ينسى – هي وجه من الوجوه النضرة لشهر رمضان الحبيب، فقد كانت إحدى دواعي الصيام وإحدى حكمه – على كثرة فضائله وحكمه- أن نجوع وان نحس بالجوع، لا لنمرمر أنفسنا ونعذبها، بل لنجوع ولنحس بالجوع من اجل أن نتضامن وان نتكافل، نحن الذين انعم الله علينا، ورزقنا الثمرات والخيرات، مع الجوعى والفقراء والمعوزين، الذين ابتلوا بالشح وبنقص في الثمرات والخيرات، الذين لا يجوعون خلال صيام رمضان فحسب، بل يجوعون ويتضورون كل أشهر السنة وأسابيعها وأيامها.
وقد جعل الله أهل الإحسان والإنفاق في مرضاته، في عليين وجعلهم من أهل الجنة والفردوس. فقد قال تعالى في وصف أهل الجنة: «الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين»
إن رمضان الكريم الذي يوشك أن يغلق الباب خلفه مودعا، يفتح بابا جديدا متصلا به ومكملا له، هو باب نفقات عيد الفطر، الذي بوسعنا أن نجعله سعيدا هنيئا، معطرا بالمسرة والحبور، بدل أن يصبح هما ونكدا وغما وبؤسا، على إخواننا أرباب الأسر المعسرين. فقد دلنا رب العزة على طريق الفلاح والرشاد والفوز والرضى بقوله عز وجل: «إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون».
كما يترافق مع غروب رمضان هذا العام، حلول العام الدراسي الجديد، الذي يلقي حلوله على أرباب الأسر المستورة المستترة المتعففة، أعباء إضافية جديدة، تتمثل في الضرورات المدرسية، كالألبسة والأحذية والقرطاسية والكتب، التي يعلم الله ونعلم نحن أيضا، أنهم لا يملكون ما يقدمونه ثمنا لها.
يحتاج صيامنا أن نزكيه وان ندعمه وان نكمله، وان نتفادى أن يصبح ناقصا مبتورا، وذلك بتفعيل البند الجوهري الضروري المنسي، بند تلازم الصيام ورمضان مع الصدقة والبر والخير والإحسان والإيثار، فليست الحكمة من الصيام أن نروّض أنفسنا وشهواتنا فحسب، وليست أن نحقق وفرا في عدد الوجبات التي نتناولها خلال شهر الصيام، بل أن نتصدق وان ننفق بسخاء لإقالة عثرات أهلنا، برّا بأنفسنا أولا، ورحمة بنا، من اجل أن نكون من المحسنين الذين يحبهم جل وعلا «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين»، ومن المفلحين الفائزين الذين ذكرهم رب العزة وميّزهم عن الخاسرين المغلولة أيديهم إلى أعناقهم، الذين لا يوقّون شح أنفسهم. قال تعالى في سورة الحشر: «ومن يوقّ شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون».
ولا يجسر على العطاء والبذل والإحسان والصدقات، الا الشجعان الجسورون، المتخففون من هيمنة الشح والإمساك والبخل، الذين لا تحلو لهم اللقمة او الكساء واخوتهم محرومون منها يرقبون باعينهم ولا تطال اياديهم ولا تسعفهم دخولهم الهزيلة الشحيحة.
وقد جعل الله عز وجل، المال قبل البنين: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا»، اعلانا ربانيا بان المال المقدم على البنين، اثير على صاحبه عزيز على جامعه، من الصعب التصرف فيه فيما يحقق التوازن والانصاف والعون وجبر عثرات الفقراء وكلهم كرام عند الله، فهم عياله وعباده. والوجه الآخر للمال العزيز الغالي على صاحبه، ما جاء في سورة التغابن: «انما اموالكم وأولادكم فتنة»، والسعيد الفائز، هو من نجا من هيمنة المال، الذي يسّره الله له، فطبّق ما جاء في سورة القصص من خريطة طريق للخلاص و للرضى: «واحسن كما احسن الله إليك «
إن الأسبوع، الحالي ، هو اكثر اسبوع من عامنا هذا، يستدعي الإحسان والصدقة والتضامن والتكافل ورعاية المحتاجين واسعاف المعسرين. وطريق الاستثمار في الصدقات هو طريق واسع وسالك يوصل إلى جنات النعيم.
الراي