facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تمييع الدراما البدوية


وليد شنيكات
09-06-2022 07:14 PM

عبر مشوارها الطويل كانت الدراما البدوية ملاذ المشاهد وفسحته الأولى، حتى وإن ظلت "مطعَّمة" بأدوارٍ لممثلين غير أردنيين ولا يتقنون اللهجة على أصولها، حيث التقعّر والكدح المكشوف في الأداء، مثل مسلسلات راس غليص ووضحى وابن عجلان ونمر ابن عدوان بنسخها القديمة، وغيرها من الأعمال التي لاقت استحسان الجمهور التلفزيوني.

في السبعينيات كان الأمر مألوفاً ومقبولاً من المشاهد الذي كان لا يتوقف كثيراً عند اللهجة أو قدرة الممثل على أداء شخصية العمل الفني الذي يقوم به. المهم أن يقضي الناس ليلتهم بالمشاهدة المُمتعة مجتمعين عند من أنعم الله عليه بتلفازٍ قديم يُدار "بالماتور" بعد عناء يوم طويل في الرّعي والزراعة، والسعي في رزق العيال.

في أواخر الثمانينات أخذت الدراما البدوية تتبلور وتأخذ شكلها القريب من واقع الناس وأحوالهم وحياتهم البسيطة حيث نَقْلُ الصورةِ بصدقٍ وعفوية من دون "رتوش"، حيث لا مساحيقَ تجميل صارخة أو "بَدي" أو "فيزون" أو تسريحة شَعر مختلف ألوانه، أو عباية مفتوحة على بنطلون مشدود.. و"ذرعان" مكشوفة حتى الكوع تجعلك تتوه بين مشاهد الأزياء وقصّة المسلسل الأساسية.

مشهدُ مراعي الأغنام، وصوتُ الناي في البرية، ومقطوعاتُ الربابة الحزينة في بيت الشّعر، وأحاديث المحل "الجرد"، والعشق العفيف، كلّها أبجديات عظيمة كانت جزءاً من البادية وتفاعلاتها الصاخبة، غير أننا صرنا نفتقدها ولم تَعد تأخذ مكانها ومكانتها في الدراما المعاصرة التي يصرّ البعض أن يسميها بالبدوية.

معظم الأعمال البدوية اليوم فقدت رونقها وسحرها بعد أن طغت على المنتجين النزعة التجارية والتوجّه إلى الإنتاجات الرخيصة، لتحقيق أهداف ربحية سريعة لا تراعي قواعدَ وأصول العمل الإبداعي، وهذا يجعلنا نتحسّر على مسلسلات الزمن الجميل مثل جرناس والخرسا، جلوة راكان، زمن ماجد، العنود، الهنوف، الطريد، .. وغيرها الكثير من الأعمال البدوية التي لايزال المشاهدون يتابعونها في المحطات الفضائية التي تعرض المسلسلات البدوية.

إلى جانب ضعف السّرد القَصصي والتقليد في التقديم، واستحضار ما هو بائد وركيك، في غالب المسلسلات البدوية التي تُقدّم، هناك لجوءٌ مقصود إلى "تعنيف" الدراما البدوية -من العنف- ومحاكاة أفلام الأكشن الأمريكية. خذ مثلاً مسلسل "ذباح غليص"، الذي يُعرض بلا كلل أو ملل حيث استخدامُ الأسلحة الرشاشة والقنابل في إدارة المعارك والحروب بين القبائل، فضلاً عن "تلبيس" المسلسلات كل أنواع القصص والروايات بقطع النظر عن مضمونها.

يثير هذا النوع من الدراما تساؤلاتٍ عديدةً في أذهان الجيل الجديد عن البداوة الأردنية وحقيقتها، وهل كانت فعلاً بهذا القبح شكلاً ومضموناً؟ وهو هنا يظل ضحيةَ تَنافُسِ التجارة والهيمنة على المنتج الفنّيّ، إذ بالضرورة سيخرج بانطباع سلبيّ عن واقع آبائه وأجداده، حتى يصل إلى خُلاصة مفادها، لا السؤال يُجدي ولا الجواب يُسعف.

لعلّنا نكون تركنا الأجمل والأنبل والأبهى وراءنا مع الغياب الطويل لمسلسلات البادية المؤثرة وهي تُقدّم أهدافاً نبيلة في غاية الروعة، كما أنها تعكس واقع البداوة بكل تجلّياته، وهي أيضاً مسلسلات الأُسرة الأردنية التي أُجبرت اليوم على مشاهدة أعمالٍ هابطة ومهزوزة لا ترقى أن تُصنّف في مستوى الأعمال الفنية الجادة.

ما يعزينا أن بضعة فنانين لايزالون يقدّمون أدواراً جيدة ومعبّرة رغم السطحية والضعف في الإطار العام وهي محاولة إنقاذ ما يُمكن إنقاذه من المشهد الجمالي الناصع في مسلسلاتنا البدوية الرصينة التي تعكس واقعنا الحقيقي لا المزّيف في ما يظهر من أعمال غاية في الرداءة ويجري تمييعُها بقصد أو بدون قصد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :