الاقتصاد بحاجة الى إعادة الثقة
سلامه الدرعاوي
05-09-2010 03:17 AM
يصر الكثير من المراقبين والمسؤولين على ان الحديث المتواصل عن التحديات التي تعترض الاقتصاد الوطني تعطي مدلولات سلبية غير حقيقية ولا تساعد على جذب الاستثمارات, لذلك لا بد من التركيز على الانجازات وتعظيم الاعمال.
المتفائلون بأن الاقتصاد الاردني سيخرج من ازمته الراهنة يرتكزون على جملة من المعطيات اهمها انها ليست هذه هي الازمة الاولى التي يتعرض لها الاقتصاد, فقد تعرض الى ما هو اشد منها في العقود الماضية وخرج منها سليما معافى.
كما يستندون الى العلاقات الاستراتيجية التي تتمتع بها القيادة مع الدول الكبرى التي تشكل الداعم الرئيسي للمنح الخارجية, وبالتالي فان المنطق يقتضي ان لا يترك الاردن من دون مساعدة في مواجهة تداعيات اية ازمات قد تؤدي الى زعزعة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
كما ان هناك معطيات ايجابية يتحدث عنها بعض الساسة حول استقرار نسبي على الاسعار خاصة الطاقة والمواد الاساسية, الامر الذي سينعكس ايجابا على الميزان التجاري ناهيك عن النمو الايجابي في الدخل السياحي بنسب 28 بالمئة للشهور الستة الاولى من العام الحالي, اضافة الى المؤشرات الايجابية في الودائع والاحتياطات من العملات لدى المركزي.
وبالرجوع للمعطيات السابقة نجد ان المتفائلين يستندون الى جملة من المعطيات السياسية في تعزيز الاقتصاد وتحقيق النمو المستهدف, لكننا في الحقيقة لا نجد معطيات اقتصادية تؤسس لذلك النمو بشكل مستدام.
اما المتشائمون فيتحدثون عن جملة من الاسباب التي تدفعهم لذلك الانطباع السلبي عن الاقتصاد, مثل عدم الخروج من اية ازمة اقتصادية ادارة ذاتية مهما كانت صغيرة ناهيك عن ازمة خفية بين الحكومة والقطاع الخاص المترنح تحت وطأة جملة لا تنتهي من الديون وضيق الحال عكس اللغة الرسمية من ان العلاقة بين القطاعين تكاملية.
ويستندون الى معطيات رقمية باتت تقلق كل مراقب وراصد لتطورات الاقتصاد الوطني, فالمديونية اليوم في اعلى مستوياتها وتجاوزت ما كانت عليه اثر ازمة الدينار سنة 1989 وتجاوز مستواها سقف ال¯ 10 مليارات دينار, كما ان الصادرات الوطنية تراجعت مقارنة عما كانت عليه في الاعوام السابقة علما ان الشهور القليلة الماضية عاودت لارتفاع بنسب قليلة, والحوالات مازال مؤشرها غير واضح مع نهاية هذا العام علما ان ارتفاعها نسبي عما كانت عليه في الاعوام السابقة, كما ان ارباح الشركات في تراجع كبير خاصة البنوك التي هبطت ارباحها في النصف الاول بنسبة 14 بالمئة, كما ان ظاهرة الشيكات المرتجعة في تزايد كبير, واذا ما دققنا في النمو المتحقق سنجد انه بلغ 2.03 بالمئة في الربع الاول وهو اقل بكثير مما توقعته الحكومة ممما يدلل على حالة التباطؤ التي يعيشها عدد من القطاعات التنموية المهمة المولدة للدخل.
كما ان الموازنة تعاني من عجز مالي غير مسبوق بات مقلقا بعد ان وصل الى 1.5 مليار دينار في الوقت الذي ارتفعت الفجوة بين الايرادات المقدرة والمحصلة فعلا لاكثر من 17 بالمئة في النصف الاول.
كما ان التدفقات الاستثمارية هبطت في المملكة بنسبة عالية في النصف الاول واذا ما نظرنا الى خارطة المشاريع الكبرى التي تعول الحكومة على تنفيذها فاننا سنجد ان الكثير منها تأخر في حين ان البعض الاخر لم يتم تنفيذه.
الا ان المتشائمين يتحدثون صراحة عن ظاهرة نمو الفساد وتغول عدد من المتنفذين على عملية صنع القرار والضغط باتجاه تنفيذ صفقات بعيدا عن المصلحة العامة والعبث بالامن الاقتصادي والاجتماعي.
هذه مقارنة بسيطة وسريعة بين المتشائمين والمتفائلين حول الاقتصاد الوطني, والامر متروك للقارئ للحكم على الجانبين واي منهما حججه الاقوى والاجدر بالانتباه.
العرب اليوم
salamah.darawi@gmail.com