قراءة في رؤية التحديث الاقتصادي 2022
د.أسمهان ماجد الطاهر
08-06-2022 06:37 PM
سبعة أشهر تفصلنا عن تطبيق مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي، التي تضمنت ثمانية محاور تم طرحها مؤخرا.
لقد جاءت هذه الرؤية، بعد أشهر من انطلاق ورشة اقتصادية في الديوان الملكي، في فبراير/ شباط من بداية العام الجاري، شارك فيها نحو 500 من أصحاب الخبرة والاختصاص من مختلف القطاعات الاقتصادية وذلك لمواجهة حالة التباطؤ بالقدرة على خلق فرص عمل جديدة بسبب الظروف الإقليمية والعالمية في أعقاب جائحة كورونا.
في حقيقة الأمر، ما تم نشره حول خلاصة عمل لجنة رؤيا التحديث الاقتصادي، جعلني أصاب بالدهشة أن جاز لي التعبير، مع خالص الاحترام لشخص كل من شارك، وعمل لخدمة الوطن والمواطن.
في البداية لا بد من مناقشة طريقة الطرح في المحاور المقدمة، والتي كان يجب ألا تقدم بصورة إنشائية، كما تم تقديمها.
لقد تضمن الطرح المقدم على لبس في العديد من المحاور، إضافة إلى العدد الهائل من المبادرات بكل محور وكل قطاع.
صفة العمومية وعدم التخصيص الدقيق، والخلو من البرامج الواضحة كانت سمات واضحة في مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي.
فمن العموميات طرح عبارة "إطلاق كافة الإمكانات" دون وضع آلية وبرامج العمل والتنفيذ، وفق معايير واضحة تشرح مكونات البيئة من الموارد الطبيعية والبشرية والمالية .
لقد تم تقديم المخرجات بصورة ثمانية محاور، كان اولها محور الصناعات العالية القيمة، نجد أن الرؤية قدمت وصفا إنشائيا للمحور، دون تفصيل وشرح متكامل ملحق حول طبيعة الصناعات وآليات التمويل والإنتاج والتسويق.
توقعت أيضا توفير شرح حول محور الخدمات المستقبلية الذي تندرج تحتها 85 مبادرة متوقع عملها من أجل تحقيق المحور.
أما محور الأردن وجهة عالمية، فقد ضم قطاعين تندرج تحتها خمس وعشرون مبادرة، وكنت أميل نحو طرح المشاريع لا المبادرات حيث تفسر المبادرات بأنها خطة أو إجراء جديد لتحسين شيء ما أو حل مشكلة.
الأصل في استخدام المبادرة طرح المشكلة ثم خطة إرشادية للإصلاح وحل لها.
الأجدر كان ضخ خطط جديدة على شكل مشاريع حيث إن المشروع "جزء من العمل المخطط له أو النشاط الذي يتم تنفيذه على مدار فترة زمنية ويهدف إلى تحقيق غرض معين".
المبادرات والمشاريع، كلاهما يمثل محاولة مركزة لتقديم شيء ما. ومع ذلك، تعتبر المشاريع، في التخطيط الاستراتيجي أكثر دقة بكثير، حيث تمتاز بطابعها التشغيلي إلى حد كبير، وهذا ما نحتاجه في الأردن.
لقد طرحت الرؤيا أيضا محور الريادة والإبداع والذي ضم سبعة قطاعات، تندرج تحتها خمس وثمانون مبادرة
ثم تلاها محور الموارد المستدامة الذي طرح تحسين استخدام واستدامة الموارد الطبيعية في الأردن. وتحسين نوعية الحياة. ثم تم تخصيص محور مستقل لتحسين نوعية الحياة.
محور الطاقة والمياه كان يندرج تحته 28 مبادرة.
أما محور الاستثمار فقد ضم أيضا ست عشرة مبادرة
ومحور بيئة مستدامة يضم ثلاثة قطاعات تندرج تحتها عشرون مبادرة.
وأخيرا محور نوعية الحياة يضم قطاعان بثلاث عشرة مبادرة، وقد تم تم شرحه بتحسين نوعية الحياة للجميع في الأردن من خلال تطوير وتطبيق مفاهيم حياتية شاملة تتمحور حول المواطن والبيئية.
والسؤال هنا ما المقصود بالمفاهيم الحياتية؟ وهل هناك نظرية علمية خاصة لتحسين المفاهيم الحياتية في الأردن!
لقد احتوت الرؤيا على كمية مصطلحات بعيدة عن روح الاقتصاد، تحمل في طياتها تفسيرات عديدة. وهذا غير مقبول عند وضع رؤيا تحديث اقتصادي، فالهدف الأساسي من وجهة نظري وضع آليات وبرامج عمل تنهض بالوضع الاقتصادي بحرفية وتخصص عال تنعكس إثارة على بقية العوامل الإنسانية والخدماتية والاجتماعية والسياسية والمالية.
إن النظرية الاقتصادية تبحث في الموارد المتاحة والإنتاجية من خلال الاستثمار والتصنيع، وفن إدارة الموارد الطبيعية والمادية والبشرية. هذا هو اختصاصها وهذا ما كان يجب التركيز عليه لا على اثاره على القطاعات.
أظن أن الرؤيا جاءت مبتورة وما زالت تحتاج إلى المزيد من العمل وفق لجان بعدد معقول من المتخصصين، قادر على تحويل النظريات إلى واقع عملي قابل للتطبيق، متخطيا حدود عملية وضع الأهداف، إلى تحديد البرامج وآلية عملها ونطاق تطبيقها، والفئات المستفيدة والمناطق التي سيتم خدمتها.
فلا يعني المواطن الحديث عن تحويل الأردن إلى مركز إقليمي للإنتاج الزراعي مع ضمان استدامة الأمن الغذائي لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية على الصعيد المحلي، دون آليات وبرامج عمل واضحة المعالم، فهذا الطرح لا يتخطى كونه شرح إنشائي.
الأردن بحاجة إلى مشاريع وطنية، وإقليمية ودولية مشتركة، جديدة تحمل خطط عمل شاملة تخدم المواطن وتوفر الفرص وفق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، والإمكانات المتوفرة، وتسعى لسد العجز وتقليل معدل البطالة والفقر.
نريد تخطي المبادرات نحو إنجاز حقيقي يمكن تسميته نقطة انطلاقة نحو المستقبل.