القيم والاتجاهات الإيجابية وكيف نبنيها
د. أروى الحواري
08-06-2022 12:28 AM
نعلم جميعنا أنّ الأسرة هي اللبنة الأساسية للتربية والتنشئة الصحيحة والوسيلة اللازمة لبناء المجتمعات السليمة؛ من خلال خلق جيل واعٍ متسلح بالإيمان والثقة والعلم؛ ليكون له إسهامات فاعلة في بناء المجتمع وتقدمه، وديننا الحنيف مصدرنا الرئيسي في التربية، إذ نستمد القيّم من القرآن الكريم؛ فهو مصدر القيم الخُلقية؛ لقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(4) سورة القلم.
فالتربية القائمة على الأخلاق والقيم الحميدة لا تعتمد على مناهج محددة للوصول إلى المبادئ المنشودة، وهي تختلف عن أنواع التربية المتعارف عليها؛ فهي بناء متكامل لشخصية واعية ذات خلق عظيم بالدرجة الأولى، ولا بد أن تنطلق هذه التربية من البيت إلى المدرسة التي هي بيته الثاني، لتقع بيد معلم مسؤول يتحلى بالصفات الحميدة المتزنة، فهو حجر الزاوية في العملية التربوية؛ وذلك لمكانته في المنظومة التعليمية، من هنا نجد أنّ الدور الأكبر يقع على عاتق المعلم في بناء وصقل شخصية الطلبة كأحد العوامل المؤثرة في العملية التربوية، فهو بدوره ينقل الخبرة والمعارف المكتسبة للمتعلم من خلال تفاعله معه في المواقف التعليمية المتنوعة، فيغرس فيه القيم والاتجاهات والسلوكيات المرجوّة.
ولا ننسى دور المناهج التعليمية وطريقة عرضها، فهي تحتل دورًا بارزًا في تنمية السلوكيات الإيجابية وقيم المواطنة الصالحة، فلا بد لنا من الوقوف وقفة مسؤولة عليها لأنها أمانة في أعناقنا وأعناق كل مسؤول، سيما وأنها تبني جيلًا سيحمل على عاتقه بناء مجتمع بأكمله.
وحينما يتوفر المعلم القدوة والمناهج الغنية بكل ما هو مفيد، والمدرسة المسؤولة؛ حينها فقط سنصل إلى الطالب الذي نرجوه، وسيصل المعلم إلى مكانة متميزة من الاحترام، وسيؤدي رسالته بكل أمانة وإخلاص، ونحصل على جيل يُعتمد عليه ويُؤتمن في خدمة المجتمع وبنائه، و ستصبح المدرسة منبرًا مميزًا للتنشئة الصالحة.
ولا ننسى أنّ المعـلم الذي نريد ليس خازنًا للعلم يُؤخذ منه المعارف والمعلومات فحسب؛ بل من يترك بصمة واضحة في حياة المجتمعات ككل، فهم يشكلون شخصيات أبناء المجتمع في مختلف مجالاته، إذ يستطيع من خلال المواقف التعليمية والأنشطة المختلفة أن يغرس في نفوس تلاميذه القيم والاتجاهات السليمة نحو المجتمع، بالإضافة إلى تنمية العادات السلوكية الإيجابية، ومن أجل أن يكون هذا التأثير فعالًا ينبغي أن يتحلّى المعلم بالقيم الأخلاقية وأخلاقيات مهنة التدريس.
ولا ننسى ما يشهده العالم اليوم من تغيرات وتطورات في مختلف جوانب الحياة، فالكم المعرفي الكبير والثورات التكنولوجية المتسارعة والتطور في وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات؛ يجعلنا نعيد كافة حساباتنا في منظومة التربية والتعليم، فالبدايات الصحيحة تبدأ من مراجعة المناهج بصورة جدية، بالإضافة إلى الاهتمام بالمعلم وتنمية اتجاهاته وأساليبه وتدريبه على ذلك بما يكفي لغرس القيم والاتجاهات والسلوكيات الإيجابية في طلبتنا الذين هم لبنة المجتمع، نسأل الله أن يحمي أبناءنا وإياكم ويحفظ بلدنا الحبيب في ظل قيادتنا الهاشمية الحكيمة.