الخروج من بوتقة المعيقات المتراكمة
فيصل تايه
08-06-2022 12:15 AM
لما كانت إرادة التغيير تقتضى ترجمة رؤية جلالة الملك التي تهدف بالدرجة الأولى إلى الارتقاء بحياة الاردنيين وتأمين المستقبل الزاهر لأبنائنا وبناتنا ، ما يحتاج تملك الإرادة والقدرة على تحقيق التغيير المنشود ، فالرؤية مهما تألقت في وضوحها واستشرفت الداء وحددت التشخيص الشافي ومهما نجحت في تخطى المصاعب والتعقيدات لا يمكن أن تكتمل إلا بإرادة التنفيذ وبالقدرة على تحويل الأمنيات والآمال إلى واقع ملموس ، فالأردن يستحق هذا الجهد ، ولان أبناءنا وبناتنا جديرون بالتفوق وتحقيق ما يصبون إليه ببلد قوي ومزدهر ، وفي دولة راسخة الجذور المتطورة في اقتصادها والقائمة على مبادئ العدل والمساواة والفرص المتكافئة للجميع بغنى التعددية السياسية وبظل القانون واحترام الحقوق لنحقق أولوياتنا دون تردد أو وجل ودون تأخير.
لقد آن الأوان لنتحدث بكل صراحة وشفافية، والعمل على تنفيذ الرؤى الملكية ، من اجل تحديث شامل يطال بنية النظام الاداري ، فالأردن اليوم بأمسّ الحاجة إلى رجالات دولة من الكفاءات العلميّة والعمليّة أصحاب الخبرات التي أثبتت نجاحها في أعمالها ، ولها عمقها في المجتمع وتمتلك القدرة على الاتصال الفعال ، وتسهم في ضبط ايقاع المرحلة القادمة ، التي تحتاج الى سرعة في الإنجاز بالعمل على تنفيذ السياسات المرجوة بكل همة وجرأة ومسؤولية ، لأن في ذلك ضمانة إيجابيّة نحو التركيز لاتخاذ القرارات المصيريّة والناجعة لحماية القطاعات الإنتاجيّة المختلفة والعودة بسرعة إلى مسيرة الإنتاج والنمو.
ان المرحلة القادمة تحتاج وضع سياسات محورية قائمة على الشفافية والمصداقية والمكاشفة والمصارحة ضمن النظرة المعهودة للاصلاح الحتمي والذي تقتضيه حساسية المرحلة ، لذا من أهم وأكبر المعوقات المحورية التي واجهت وتواجه الدولة اليوم هي إيجاد الأمن الاجتماعي والاقتصادي أولاً ، وكبح التضخُّم والعجز في ميزان السياسة المالية والنقدية الذي ورثناها من الحكومات المتوالية إضافة الى ما نواجهه في هذه المرحلة الصعبة من تحديات فاقت كل التوقعات .
ما نحتاجه بالضرورة وضمن هذه المرحلة توفير البيئة الاقتصادية القادرة على الخروج من بوتقة التجاذبات السفسطائية والمعيقات البينية المتراكمة ، وما تبعها من تحديات خلفتها الجائحة اضافة الى ما عكسته الحرب الاوكرانية حتى ننال ثقة الوطن ، بهذا سنكون قد وضعنا أيدينا على الخلل ، وبدأنا نخطو الخطوة الراسخة الثابتة نحو الاصلاح الحقيقي ، فاقتصادنا الوطنيّ بحاجة إلى إدارات اقتصاديَة خبيرة ومتمكنة من عملها ولديها القدرة على التقييم والمساءلة والإنجاز ، إدارة تعي جيداً خطورة المشهد الاقتصاديّ الداخليّ وتتفهم التحديات، وتمتلك رؤية استشرافية عملية فاعلة لتحويل التحدي إلى فرصة حقيقية تعيد الاقتصاد الوطنيّ إلى مساره الصحيح ، وتنقذه من براثن المهبطات ومفعول المسكنات بالعلاج النافع والعمل الصادق والإرادة الصلبة القوية .
ما تعودناه دائما ان نضع كل حمولة البلاء على الحكومة ، لكن لا أحد يستطيع ان ينكر كل ذلك العبث اليوميّ وهو ينخر في جسد الوطن ويعمم سرطان الإحتقان المتكاثر الذي جاء بفضل تهور بعض اصحاب القرارات الساذجة ، الذين يدعون حب الوطن ما بين تبجحهم وتنمية مكنوناتهم الشعبية ، وآراء ومشورة المؤلفة قلوبهم وعقولهم وجيوبهم وارصدتهم المتصاعدة نحو فناء ما تبقّى من سعادة كنا نحلم بها فصارت وبالاً وهماً وغما وكرباً ، حتى إذا ما حضروا انشغلوا بتبادل التحيات والقبلات وما لبثوا التنصل من مسؤولياتهم وعن كل ما يليق بالإرتقاء بالوطن المثقل ببعضهم .
ما زلنا نشكوا من هيمنة العقليات المأدلجة بثقافة الاقصاء التي ما زالت تخنق الأحلام الوطنية الكبرى ، فتوتراتنا تنمو بشكل متسارع ، والمستقبل تتصاعد وتيرته ، ومراكز القوى الدولية تخطط وفق اهوائها ومصالحها ، واصبحنا ننتظر المجهول من ضجيج من السلبية ، والتيه ، اضافة الى تدافع الموجات من التشظيات المجتمعية بشكل لم نعهده ، والمتفائلون لا يملكون سوى الشعور بالخسارة سلفاً ، وكلنا مستعدون للحماسة لنكون كلنا مع الوطن بعيدا عن اي قهر يكلّلنا في واقع يحتاجنا جميعا ، بغض النظر عن مشاربنا ومنابعنا وتحيزاتنا ، فهناك معضلة رهيبة بين الهيمنات والاستحواذات والإرادة ، ولا قيمة للوعود والنوايا السليمة دون أفعال سليمة بالطبع ، فكلنا مضمّخون في دوامة ضنك العيش ، إضافة إلى تدهور للقيم التي بدات تتلاشى ، لذلك فالمرحلة تتطلب الرجال الذين يتحملون المسؤولية في الحمل الثقيل القادم ، خاصة واننا مستمرون في الترقب مع مجمل التغييرات الاقليمية في خريطة المنطقة ، اضافة لمجمل التحديات الاقتصادية الكبيرة التي افقدتنا صوابنا وارغمتنا على اتخاذ قرارات صعبة سنشعر بها مستقبلا ..
نعي تماماً حجم التحدي ، وما تواجهه الدولة الاردنية من اخطار وموبقات ، ولنذكركم بما يمتلكه جهاز الحكومة من حمولات ثقيلة في مختلف مؤسسات الدولة ، نتيجة اخطاء وتخبطات ارتكبت جراء سياسات انتهجت في مراحل سابقة ، وبلغت اشدها وقت الازمات ، وانعكست وبانت على حقيقتها من اول هزة غربال ، فحملت لنا مخاطر جمّة ومخاوف مزدحمة نشعر بها ونعيشها ، ما برحت تلوح لنا في الأفق ، ففي هذا الوقت بالتحديد نطمح استحضار الضمير ، وتعرية الذمم ، والوقوف صفا واحدا لتأجيج الإرادات من أجل احلامنا الوطنية الوردية ، في وطن احبنا واحببناه وقائد ارادنا واردناه ونذر نفسة للوطن والمواطنين وللاردن والاردنيين.
وأخيرا.. وان اطلت فبالرغم من أن توفير الحياة الكريمة لكل المواطنين من المسؤوليات المهمة للدولة ، وذلك حق من حقوق المواطن لا مِنة فيه لأحد ، ذلك ما لا يحتمل المجاملات ولا إقفال الجروح على عفنِها ، بل يجب إزالة كل من يتعين إزالتهم من العقول المأزومة أياً كانت ، كما ويجب معالجة جميع القضايا التي من شأنها الوقوف أمام عجلة التقدم والتنمية والحفاظ على امن اقتصادنا الوطني واستقراره ، ومحاربة المفسدين ، فعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم من مختلف أطياف نسيجنا الاجتماعي الواحد ، وباختصار ، علينا الصبر والتحمُّل فالعبء يفوق قدرات البلاد والعباد ، ليتصرّف الجميع بمسؤولية ، ولنتجاوز كل هذه الرداءات والترهات اللا معقولة..؟!.
بقي أن أقول : آن الآوان للعمل على إعلاء الشعور الوطني مختلف الوسائل والطرق والقنوات دون أي تحفُّظ ، بل و ينبغي أن نرفع أصواتنا في وجه الفاسدين والمستحوذين والخانعين والمرتجفين .
وندعو الله عز وجل ان يحمي البلد وقائده الهاشمي الامين ، ورجالاته الغر الميامين ، ودمتم سالمين ..
وكان الله في عونكم وعون الوطن.
والله المستعان دائما وابدا