بقاء الوضع الراهن أسوأ خيارات القضية الفلسطينية
باتر محمد وردم
04-09-2010 05:21 AM
هنالك طريقان لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، أحدهما شبه مستحيل في الظروف الحالية وثانيهما في منتهى الصعوبة وفرص نجاحه محدودة ، ولذلك فإن معظم القوى والتيارات السياسية العربية وخاصة الشعبية منها تفضل خيارا ثالثا يبقي الأوضاع على ما هي عليه ولكن بكلفة سياسية هائلة.
الخيار الأول هو العسكري ، والمستند إلى رؤية جمال عبد الناصربعد سويعات من نكسة 1967 ومفاده أن "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" ، ولكن هذا الخيار لم يدخل حيز التطبيق إلا في حالات نادرة ومنها معركة الكرامة 1968 التي أثبتت قدرة جيش عربي على مواجهة إسرائيل ميدانيا في حال امتلك إرادته السياسية المستقلة عن التدخلات العربية ، وحرب أكتوبر 1973 التي توقفت بعد الوصول إلى مرحلة متقدمة عسكريا ، ثم ظهر بعد ذلك باربع سنوات أنها تمهيد للدخول في مفاوضات ثنائية مصرية - إسرائيلية. أما كافة المواجهات العسكرية التالية فقد فرضتها إسرائيل بخياراتها المكانية والزمانية ومنها ما أثبت نجاحا كبيرا للمقاومة كما في عدوان 2006 على لبنان. الخيار العسكري يبدو مستبعدا بشكل كامل الآن حيث لا توجد دولة عربية أو إقليمية مهيئة للدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل وحتى الدول التي ترسخ شرعية أنظمتها السياسية من خلال خطاب الصمود ، لم تقبل بأن تدفع اي ثمن لهذه المواجهة من أراضيها ومواطنيها وبنيتها التحتية وفضلت دخول مواجهات مع إسرائيل بالوكالة وفي أراضْ خارجية وخاصة لبنان وفلسطين.
الخيار الثاني هو الدخول في مفاوضات منهجية تضع فيها كل الدول العربية مواردها وأدواتها السياسية والاقتصادية والتاريخية والتكنولوجية والثقافية في خدمة المفاوض الفلسطيني وفق خطة طويلة الأمد تقترب من الخطط الإسرائيلية التي تعمل بشكل علمي وتوفر كافة الموارد الصهيونية والإسرائيلية ومعظم اليهودية لخدمة المفاوض الإسرائيلي. ولكن هذا الخيار صعب جدا بسبب انقسام الموقف السياسي الفلسطيني والصراعات التنظيمية ولا مبالاة معظم الدول العربية طالما أن آثار الصراع بعيدة عن أراضيها ولكن الأهم من ذلك التعنت والتطرف الإسرائيلي الذي يرفض أي قبول لاستحقاقات الحل النهائي.
ولهذا يفضل الكثير من التيارات والقوى السياسية العربية وخاصة دول "المواجهة والصمود" خيار إبقاء الأوضاع على حالها بدون اشتباك عسكري مكلف (إلا إذا كان في فلسطين ولبنان) وبدون مفاوضات تجعل هذه التيارات تخسر أهم ورقة لديها في المكاسب الشعبية أو تجعل دول الممانعة مضطرة للدخول في استحقاقات الانفتاح السياسي والديمقراطي الداخلي بعد "تخفيف صوت المعركة". خيار الوضع الراهن والذي يتمثل في قيام مجموعات تنظيمية بتحمل مسؤولية مواجهة عسكرية غير متكافئة مع إسرائيل بمعدل 100 شهيد فلسطيني أو لبناني مقابل كل قتيل إسرائيلي واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني تحت الحصار واستمرار الحملة الإسرائيلية لتغيير الحقائق السكانية والدينية والبنية التحتية ونهب الموارد في الضفة الغربية بحيث لا يبقى شئ يمكن التفاوض عليه. ان الاستمرار في هذا الخيار المقبول جماهيريا له كلفة سياسية هائلة تعني تصفية حقيقية للطموح السياسي الفلسطيني لا تقل خطورة عما يوصف أحيانا "بالاستسلام" عن طريق المفاوضات.
بالطبع لا يمكن اعتبار المفاوضات هدفا بحد ذاته ولكنه أداة يمكن نجاحها في حال حظي المفاوض الفلسطيني على دعم عربي كامل وفي حال استحق المفاوض الفلسطيني هذه الثقة في الأساس بالنقاش المفتوح والشفاف مع الدول العربية وعدم قبول إغراءات وضغوطات الدخول في مفاوضات سرية والخروج باتفاقية ، أو إعلان مبادئ يتضمن بنودا قد تؤثر على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني أو تهدد مصالح دول عربية أخرى.
مصلحة الأردن الإستراتيجية هي في الوصول إلى حل سلمي يحقق تطبيق قرارات الشرعية الدولية بخصوص القدس واللاجئين والمستوطنات وغيرها من القضايا والتي تنسجم تماما مع الحقوق الفلسطينية ولهذا فإن دور الأردن سيكون داعما للمفاوض الفلسطيني ولكن مع المراقبة الدقيقة والحذرة للتدخل لحماية المصالح الأردنية في حال خرج قطار المفاوضات عن المسار الصحيح ، أما دعوة البعض لاستمرار الوضع الراهن فهي تؤثر بشكل سلبي على مصالح الأردن وتساعد إسرائيل على فرض المزيد من شروطها.
الدستور