المديح الكاذب والانتقاد الخاطئ
د. فهد الفانك
04-09-2010 05:16 AM
بعض المعلقين الخبثاء يضعون مدحهـم للحكومة بصيغة نقديـة على طريقة تعيير العروس بأن خـدودها حمراء وشعرها أشـقر، مع أن هذه الصفات تحسب عادة من عناصر جمالها. والقصد الحقيقي لفت الأنظار إلى ناحية إيجابية مغطاة بغلاف سـلبي حتى يبدو للرأي العام ناقـداً وليس منافقـاً.
من هذا القبيـل قرأت لمعلق سياسي (هجوماً) على الحكومة بسبب ارتفاع العجـز في الميزان التجاري هـذا العام بالمقارنة مع ما كان عليـه الحال في العام الماضي، وهو نقـد يستطيع المسؤولون والقراء الأذكياء أن يردوا عليه بالقول أن ارتفاع الصادرات والمستوردات دليـل الانتعاش الاقتصادي، في حين كان هبوط الصادرات والواردات والعجـز التجاري في العام الماضي أحـد مؤشرات الركود والانكماش.
وقرأت أيضاً لمعلق اقتصادي مسيّس انتقـادات للحكومة تعكـس الحقائق، فهو يقول مثلاً أن حجم الاستثمارات الواردة هبط مع أنه ارتفع، وأن الحركة السياحية وحوالات المغتربين انخفضت مع أنها ارتفعـت، وأن أسعار الأسهم في الحضيض مع أن كـل المطلوب من الحكومة عدم التدخل في البورصة، كما أن انخفاض أسـعار الأسهم ظاهرة عامة لم يسـلم منها بلد.
عاب أحدهـم على الحكومة انخفاض أسعار الأسهم اليوم عما كانت عند تشكيلها، ثم أعطى أرقاماً غير دقيقة عن الرقم القياسي لأسعار الأسهم في التاريخين، واستنتج أن الانخفاض بلغ 15%، مع أن أرقامه نفسها تدل على أن الانخفاض كان 11%، وكأنه قصد تسهيل الرد عليه واتهامه بأنه يتجنى على الحكومة وينتقدها مع أن هدفه الحقيقي كسب رضاها.
على العكس من ذلك فإن الصحفي الذي ينقصه الذكاء والخبرة يعمد إلى المدح المباشر حتى في صياغته عناوين الأخبار التي تشي بانحيازه مثل: الحكومة جادة في مكافحة الفساد. إجراءات حكومية ناجعة لتخفيض الأسعار في رمضان.
نقد الحكـومة ومدحها موقفان جائزان شريطة صدور المـدح عن قناعة وليس تزلفاً، وعدم صدور النقـد عن نكاية، وفي الحالتين فإن القارئ الجيد لا يقـف كثيراً أمام رأي قاطع، إيجاباً أو سـلباً، إذا لم يكـن معززاً بالحيثيـات المقنعة.
المدح الكاذب للحكومة لا يفيدها، والنقد الخاطئ لا يضرها. وفي نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح.
الراي