يعمل النظام الإعلامي الروسي الذي يعد جزء من ترسانة السياسة الخارجية للدولة وفق عملية مركزية، فعندما يتعلق الأمر بالأخبار السياسية التلفزيونية، الأخبار بالعادة تبدأ بالحديث عن فلاديمير بوتن لأن بوتن على قمة الهرم السياسي وهو عمل مكثف للغاية، ويعود ذلك إلى سيطرة بوتن على التلفزيون منذ توليه السلطة عام 2000، حيث يلتقي رؤساء القنوات التلفزيونية في الكرمين مرة واحدة في الأسبوع، ويتم إخبارهم بما يسمح به على التلفزيون، وما هي الأجندة وما يجب أن يكون الإطار، وما هي الروايات الإستراتيجية البراغماتية للبث التلفزيوني، أي أن النظام الإعلام الروسي يعمل من أعلى إلى أسفل.

كما ينظر إلى النظام الإعلامي من قبل الساسة الروس على أنه سلاح دعاية بمعنى الإقناع أو الدبلوماسية العامة في مناقشة الشؤون الجارية ويتحدث التلفزيون الروسي كممثل للسلطة السياسية في حرب المعلومات، فباللغة الروسية يعمل التلفزيون التأكيد على حب روسيا والولاء للامبريالية الروسية وهوس القوة وتحقيق تقدمها كلما أمكن كما حدث في جورجيا عام 2008 و أوكرانيا عام 2014، ومن ثم الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.

من جهة أخرى يحاول الكرمين الوصول إليه أبعد من ذلك، خارج الحدود، وهو إنشاء وكالات أنباء دولية مثل سبوتنيك وروسيا اليوم والتي تبث باللغات الإنجليزية والإسبانية والألمانية والعربية وتتوسع والهدف من ذلك رؤية ما يحدث في الغرب وركوب الموجة، فعلى سبيل المثال إذا كانت هناك مشاعر سلبية قليلة معادية للاتحاد الأوروبي في أوروبا، فإنهم يعملون على إثارة ذلك بقوة ، لأن غايتهم وجود اتحاد أوروبي ضعيف، فمن خلال تلك الوكالات الدولية تسعى روسيا تحريك المياه الراكدة ونشر المؤامرات وتقسيم التحالفات الخ.

كل ذلك يعني أن النظام الإعلام الروسي نموذج دعائي ضخم الحجم ومتعدد القنوات من حيث الدعاية على النصوص ومقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية والصور الساكنة التي يتم تعميمها عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر والتلفزة الفضائية والبث الإذاعي والتلفزيوني التقليدي، إذ تنتج الدعاية وتروجها قوة كبيرة الذين أيضاً يهاجمون في كثير من الآراء والأحيان الآراء والمعلومات التي تجري بعكس المواضيع الروسية أو يقللون من شأنها ويقومون بعملهم ضمن غرف الدردشة على الانترنت ومنتديات النقاش علاوة على كونه سريعاً ومتواصلاً وتكرارياً من حيث تدوير المعلومات المضللة ولا يلتزم بالواقع الموضوعي أي أنها تلتزم بالحقائق بدرجة ضئيلة جداً أو لا تلتزم بها على الإطلاق، وهذا لا يعني أن كل ما تقوله خطأ فقد تكون بعض الأخبار والمعلومات صحيحة إلى حد ما ولكن الأحداث التي تنقلها الدعاية الروسية مصطنعة بالكامل ولا يلتزم بالاتساق من حيث تقديم روايات متعددة حول الأحداث والقضايا الدولية، وبالتالي فإن الانطباعات الأولى مرنة جداً والتكرار بطبيعته يؤدي إلى الاعتياد والاعتياد على القبول.!!