لا يليق بنا وهو أيضاً جريمة. مُنكرٌ تُجْمِعُ عليهِ المجتمعات ولو أنهُ يُمارسُ. فِعْلٌ مِنْ قويٍّ على ضعيفٍ لاكتسابٍ حرام. أبشعهُ على الإطلاق هو الابتزاز الجنسي.
العالم عرف هذا النوع من الابتزاز منذ آلاف السنين فهو ليس بالشيئ الجديد ولا المفاجئ لكنه حين يحدث يُفاجئ السامعَ كأنه الخطيئة التي لم تحدث من قبل لأنه حدثٌ قميئٌ مقيتٌ مُعيبٌ. في السنوات القليلة الماضية ومع انتشار الهواتف النقالة وإمكانية التواصل السريعة والتسجيل والبث فقد وقع الكثير من جرائم الابتزاز الجنسي واستدعى هذا اللجوء للقانون لاستخلاص الحقوق. وأدَّى لانتحار الضحايا أو القتل أو على أقل تقدير للتشهير.
تعرفهُ المؤسساتُ الدوليةُ جيداً فها هي الأمم المتحدة تُعلنُ كل فترةٍ وفترة عن قضايا ابتزازٍ جنسيٍّ بين نازحين ولاجئين من قِبَلِ موظفين وجنود استغلوا حاجة الضعفاء. والابتزاز هذا لم يغب عن موظفي الياقة البيضاء في المنظمات الدولية من أجلِ ترقيةٍ أو درأً لغضب مسؤول. ومتى ما انكشفت الحالات ودوماً بعد عديدٍ منها يبدأ التحقيق الذي يطول. وقد لا يجد دليلاً فيطوي الشكوى أو يجده فيُدين المتهم. ولقد تعاملتُ بمثلِ هذه الشكاوى في عملي السابق وأقول أنها من أصعب وأقزز أنواع الشكاوى.
لسنا بالقضاةِ في مسالةِ المجتمع الأخيرة التي صارت مادةً للإعلام في فضاء إطلاق التهمة والدفاع وأخذ المواقف دون انتظار تحقيقٍ وافٍ وقرار. لأي مؤسسة أن تُقَنِنَّ التحقيق ضمن أُطِرِها المؤسسية لإصدار قرارٍ وظيفيٍّ حسبما تقول به اللوائح التي تحكم عملها. وهناك من دعى لتحقيقٍ رسميٍّ بحكمِ الخبرة التي تتوفر لقطاعٍ من الأمن يتعامل بالحرفية والسرية اللازمة لهذه القضايا. يُتْركُ التقدير بِعُمْقِ التحقيق والمحاسبة للمتعاملين معها والأجدى بأن يتوقفَ الإعلام عن النشر الفصيح بالأسماء والوقائع حمايةً للعدالة.
لكن الابتزاز بأنواعه موضوعٌ هامٌ ينبغي العلم عنه وتوضيحه من باب الأخلاق والعدالة ومن باب التقوى ومخافة الله وقساوةَ العقاب الدنيوي ويوم تشهد الجوارح على الإنسان. في العلمِ بأشكالِ الابتزاز دفعٌ للجريمة عن الضحية وعن الجاني المُحتمل وحِفظٌ للحقوق وتخويفٌ من العواقب. حَرِيٌّ أن يكون درساً في المدارس والجامعات وفي تعاليم العمل بأشكالهِ.
حمى الله مجتمعنا ورَفعَ عنهُ مثالب النفس.