تجري تنسيقات غير معلنة لزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للشرق الأوسط. بايدن سيزور إسرائيل والأرجح السلطة والأردن، ومن ثم يجتمع بقادة عرب في الخليج، وستكون الأنظار متجهة للقائه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. هي زيارة لها مسوغاتها السياسية والاقتصادية، تأتي بعد تصريحات سلبية لبايدن اثناء حملته الرئاسية مرتبطة بحقوق الإنسان في الخليج. بايدن يقول إنه لم يغير مواقفه من ملفات حقوق الإنسان، ولكن ثمة مصالح تعلو على ذلك.
الازمة الأوكرانية كانت سببا رئيسيا في التوجه نحو الزيارة والانفتاح على الخليج، حيث الارتفاع الكبير لأسعار الطاقة بسبب العقوبات على النفط والغاز الروسي، والوحيدون القادرون على ملء الفراغ بسوق الطاقة، وزيادة الضخ، هي دول الخليج التي تمتلك احتياطيات كبيرة لضخ المزيد منها مما سيزيد العرض وبالتالي يقلل الأسعار. إذا بايدن يذهب لهذا الهدف الاستراتيجي المهم، ومعه يريد أن يعطي دفعة لعملية السلام بين إسرائيل وجيرانها الفلسطينيين، وأيضا محاولة توسيع الاتفاقات الابراهيمية في محاولة لتشمل السعودية.
بايدن رئيس وسطي بالمعني المنهجي للكلمة، فهو لا يميل إلى يسار حزبه، مواقفه تميل للبراغماتية السياسية أكثر من الايديولوجية. هذا سمح له بإعادة تموضع سياسي ليكون قادرا على الاشتباك مع الخليج، وفي ذلك مصلحة كبيرة لبلاده، اقتصادية وسياسية. كما أن للرجل مواقف ملتزمة بحل الدولتين، وإعادة تمويل السلطة الفلسطينية والأونروا، والرغبة بإعادة فتح قنصلية أميركية لدى الفلسطينيين بالقدس الشرقية، وهو للتو رفع من تمثيل بلاده لدى الفلسطينيين لمستوى مبعوث، وهو اقرب لصفة السفير، حيث عين هادي عمرو مبعوثا أميركيا للسلام والفلسطينيين.
لن يكون لقاء بايدن من القادة العرب يسيرا، فالأردن والفلسطينيون يريدون مزيدا من الاشتباك والضغط الأميركي على إسرائيل لتسير خطوة باتجاه السلام، وهذا بدوره سوف يقلل من حالة التعنت التي دخلت فيها السلطة الفلسطينية. اما مع قادة الخليج وإسرائيل، فسوف يكون ملف اتفاقية إيران النووية حاضرا بقوة، حيث تريد هذه الأطراف عدم اعطاء أي أموال أو التساهل مع إيران، والابقاء على نظام العقوبات الصارم عليها، حتى تحدث التغيير المطلوب، وهو ليس التوقف عن البرنامج النووي فقط، ولكن أيضا التوقف عن نشاطاتها الإقليمية المصدرة لـ اللااستقرار. بايدن سيكون باردا في التعامل مع الملفين الإيراني والسلام، لانهما ليسا على قمة أولوياته، ولانه ينتمي لمدرسة إعادة التموضع الأميركي بعيدا عن الشرق الأوسط منطقة الحروب التي لا تنتهي.
الجميع يسعى لانجاح الزيارة، وضخ مزيد من النفط في هذه المرحلة الحرجة التي يحتاج فيها العالم للنفط، والتقدم خطوة نحو توسيع الاتفاقيات الابراهيمية، اثمان تستحق أن يقابلها بايدن بخطوات أميركية تجاه إيران وملف السلام، فهو والجميع يتعلمون شيئا فشيئا، أن إعادة التموضع الأميركي تجاه آسيا لا تعني أن الشرق الأوسط فقد أهميته الاستراتيجية، فيبقى النفط والسلام مصالح دولية حاسمة تسهم في الاستقرار والسلام الدوليين.
(الغد)