المبادرة والفكرة التي طرحها الملك للإصلاح السياسي جوهرها تغيير في بنية المؤسسات الدستورية من حكومات وبرلمان لتقوم على مشاركة اوسع للناس وإعطاء القوى الممثلة للمجتمع وخاصة الاحزاب قوة دفع لتكون اقوى عبر تعديلات في التشريعات السياسية والدستور، وتكون عملية تشكيل الحكومات تدريجيا عبر البرلمان الحزبي البرامجي وهذا تطبيق لفكرة الحكومات المنتخب.
لكن البعض فهم ماجرى من تعديلات على الدستور وقانوني الاحزاب والانتخاب بانه تغيير في طريقة الوصول الى المناصب النيابية والوزارية فبدلا من العلاقات الشخصية و"التزبيط" تكون الاحزاب ذات البنية الهشة او الاستحواذ على مسار حزب جديد او متجدد ،دون ان يكون لدى هذا البعض فهم او تجربة لفكرة العمل الحزبي الحقيقي او العمل السياسي التطوعي الذي كان لممارسته ثمن وليس بوابة للمكاسب بأنواعها.
مؤكد ان الاصلاح يحتاج الى احزاب لكن احزاب تبنى على اسس سليمة بحيث تكون قادرة على احداث نقلة حقيقيه في العمل السياسي ومسار الدولة ،احزاب يجتمع اصحابها على فكرة ،اما ان يكون التجمع هو الهدف للوصول إلى شروط التأسيس بغض النظر عن المضمون فهذا لايصنع حزبا حقيقيا بل شيئا اخر حتى لو حصل على الترخيص.
تطبيق فكرة الاصلاح تواجه تحديات حقيقيه اولها المسار الذي تتم به عملية بناء احزاب جديدة ،وهو مسار نرى بعض نتائجه السلبية على الارض.
والتحدي الثاني ان هناك احزابا قديمة فكرية او عقائدية لايمكنها الاستمرار لانها وصلت الى مرحلة من الانحسار الشعبي والتنظيمي ،لكنها في نفس الوقت لاتستطيع ان تندمج مع مثيلاتها لاسباب تتعلق بمن هو الزعيم ولتناقضات بين الدول والتنظيمات الاصلية التي انبثقت منها هذه الاحزاب.
والتحدي الثالث في فهم البعض لمفهوم الاحزاب البرامجية على انها احزاب خطط اقتصادية او اجتماعية..،فالاحزاب يجب ان تمتلك ارضية فكرية تنطلق منها في بناء البرامج والخطط ،وحتى لو كانت ذات طابع عقائدي فهذا ممكن لكن بشرط ان لاتغرق في النظريات ولاتقدم حلولا.
اما التحدي الرابع فهو حالة الاسترخاء التي لحقت بعملية الاصلاح والتي يريدها البعض ان تطول دون ان يدركون ان الناس بدأت تنسى موضوع الاصلاح وانه سيخرج من الذاكرة اذا تم تاجيل تحويله الى عمليات سياسية لسنوات.
احيانا يكون الاصلاح السياسي وصفة للحفاظ على حيوية الدولة وتجنب مشكلات ناتجة عن مسارات اقتصادية ،ولهذا فقيمته الحقيقية في تحويله من امور نظرية وتشريعات الى واقع على الارض ،اما دفن التشريعات الإصلاحية لسنوات فانه سيفقدها قدرتها على تغيير المزاج العام وحتى قناعات الناس بها.