ان ما تمخضت عنه حرب الايام الستة من نتائج وخيمة على العالم العربي برمته وما أسفرت عنه الحرب من فقدان شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية وتدمير الجيوش العربية وايقاع خسائر فادحة في الأرواح والمعدات لم يكن أمرا عاديا ولم يخضع لمعيار موازين القوى التي كانت سائدة انذاك ولا يمكن تفسيره تفسيرا موضوعيا.
لقد كانت مفاجأة صادمة ان يتم القضاء على سلاح الجو المصري خلال ساعة واحدة من بدء الهجوم الاسرائيلي على الرغم من بوادر الحرب وعلم القيادة المصرية بساعة الهجوم دون اتخاذ إجراءات وقائية او هجومية تكبح جماح العدو الذي لم يجد مقاومة تذكر.
وأما سقوط هضبة الجولان فكان مهزلة حربية لا يمكن تفسيرها ببراءة وحياد نظرا لصعوبة المنطقة الجغرافية وعصيانها على الاختراق وعلى الرغم من ذلك سقطت بسهولة ويسر.
وأما انسحاب الجيش المصري من سيناء فلم يخضع لقواعد الانسحاب العسكري المنظم ووقع نهارا دون علم رئيس الأركان مما أدى إلى تدمير آليات الجيش المصري ووقوع نحو عشرين ألف قتيل أثناء الانسحاب.
الهزيمة المستنكرة للجيوش العربية في حرب ١٩٦٧ كانت صدمة لكل عربي وقصمت ظهور الجيوش وخلفت حالة من الذل وألهوان والدهشة مما حصل.
وعلى الرغم من العقيدة القتالية للجيوش العربية والعزيمة والإصرار على الثأر فإن فكرة الحروب السياسية هي القشة التي قسمت ظهر البعير في حرب عام ١٩٧٣ وما أسفرت عنه من بداية لمحادثات السلام وما آل اليه الحال إلى واقع مؤلم تعيشه الأمة العربية وما يعاني منه الشعب الفلسطيني من قتل واعتداءات على الأراضي وانتهاك للمقدسات وإطباق فكي الكماشة على شعب يرزح تحت نير الاحتلال وجبروته.
وفي ظل المعطيات الحالية فإن الواقع الراهن في فلسطين المحتلة سيبقى يراوح مكانه ومن سيء إلى أسوأ في ظل حال الأمة العربية المتردي عسكريا وسياسيا واقتصاديا.