مؤتمر "واقع المسيحيين ومستقبلهم في الشرق"
الاب رفعت بدر
04-06-2022 03:41 PM
على مدار يومين ، عقد المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام ، مؤتمرا دوليا ، بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور الالمانية ، بعنوان "واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق". وليست المرّة الأولى التي يلتقي بها الطرفان الاردني والالماني على تنظيم مؤتمر مشترك. فقد قاما بالكثير معًا، لكن هذا المؤتمر عزيز على القلب، لأنّه يأتي استكمالاً لما تمّ نقاشه في ملتقى كومو، شمال إيطاليا، في عام 2015، وكذلك برلين عام 2016. بالاضافة الى عدد من ورشات العمل التي هدفت الى تسجيع الشباب على حسن استخدام وسائل التواصل فيما يبني الوئام و"ثقافة اللقاء".
أتى المؤتمر في ظلال عيد الاستقلال السادس والسبعين ، فرفع المشاركون بطاقة تحية الى الاردن العزيز، وتمنوا ان يبقى، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وولي العهد الامير الحسين بن عبدالله ، واحة امن واستقرار وعلامة فارقة في الوئام والحوار، وأن يكون على الدوام جامعا للاشقاء والاصدقاء ، ومكانا اميز لانعقاد هذه المؤتمرات الثرية، التي تنعقد في بلد صدر العديد من الرسائل العالمية، و تؤكد على ما قاله جلالة الملك، الوصي على المقدسات في القدس الشريف، حين نال جائزة الطريق الى السلام من الفاتيكان قبل ايام، بان المسيحيين العرب هم جزء من ماضي وحاضر ومستقبل هذه المنطقة.
وقد شارك في المؤتمر شخصان نالا جائزة الحسين الاولى للتميّز في عيد الاستقلال المميّز هذا العام ، وهما بطريرك القدس غبطة البطريرك بييرباتيتسا بيتسايالا ، والصحفية المتمكنة كارولين فرج.
عقد المؤتمر اذا حول واقع المسيحيين ومستقبلهم، في بلد جائزة "الطريق إلى السلام"، و"الأخوّة الإنسانيّة"، و"مصباح أسيزي"، وجائزة "تمبلتون" ، اي في عمّان التي وصفها مساعد البابا فرنسيس الكادرينال ليوناردو ساندري بأنها "عاصمة دولة الاستقبال".
انها مملكة الاستقلال ، ودولة الاستقبال التي تجمعنا ، لكي نكمل ما بدأناه من مؤتمرات ومبادرات، بمشاركة نخبة من المثقفين القادمين من بلدان متعدّدة. ولعلّ دماء حاملة وسام الاستقلال من الدرجة الاولى ايضا الشهيدة شيرين أبو عاقلة المقدسيّة، ، قبل أيام، إلا دليل ساطع على أنّ المسيحيين ما كانوا أبدًا متفرجين على أحداث أمتهم وقضاياها العادلة، بل أسهموا حتى بالدماء بشقّ درب الشهادة والاستشهاد، لبناء مستقبل أفضل، ليس لهم وحدهم، بل لجميع المواطنين وبالاخص لشركاء الحضارة معهم المسلمون.
شارك بندوات المؤتمر وجلساته ، عدد من المتحدثين القادمين من أقطار شتى ، ومنهم نائب رئيس مؤسسة كونراد أديناور الألمانيّة هيرمان غروهيه، وبطريرك القدس للاتين غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا، ومدير المركز الكاثوليكي الأب الدكتور رفعت بدر، ونائب رئيس مؤسسة كونراد أديناور الألمانيّة هيرمان غروهيه، والسفير الألماني في المملكة بيرنارد كامبمان، والممثل المقيم في الأردن لمؤسسة كونراد الدكتور ادموند راتكا. وادارت ندوة بعنوان الوضع الحالي ومستقبل مسيحيي الشرق بشكل عام رنا صويص، تمّ مناقشة ، وتحدّث بها النائب البطريركي للاتين في الأردن المطران جمال دعيبس، ورئيس جامعة القديس جورج في بيروت الأستاذ الدكتور طارق متري، والباحثة في الشؤون الآسيوية والشرق الأوسط في جامعة كامبريدج البريطانيّة الدكتورة إليزابيث مونييه.
وتحدّث في الجلسة الثانيّة التي تناولت وضع المسيحيين في فلسطين، وفي مدينة القدس على وجه الخصوص، وأدارتها السيدة فرح بدور، كل من المدير التنفيذي للصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرّفة الدكتور وصفي كيلاني، والذي اكد على اهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف. والنائب السابق بالمجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور برنارد سابيلا، والأمين العام لمجلس رؤساء الكنائس في المملكة الأب الدكتور إبراهيم دبّور، ممثلا عن سيادة رئيس الاساقفة المطران خريستوفورس مطران الروم الارثوذكس في الاردن، وراعي كنيسة الروم الكاثوليك في حيفا الأرشمندريت الدكتور أغابيوس أبو سعدى.
أما الجلسة الثالثة، فتناولت أثر السياسة الدوليّة على المسيحيين في الشرق الأوسط، وأدارتها نائب رئيس ورئيس تحرير وكالة أنباء "سي إن إن" عربيّة الدكتورة كارولين فرّاج، وتحدّث بها المستشار في شؤون الحوار الدينيّ في مؤسسة كونراد أديناور بألمانيا الدكتور ريتشارد اوتينجر، والباحثة في علم الاجتماع في جامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة ميري فيليبس.
وعقدت جلسة رابعة تناولت وضع المسيحيين في كل من مصر والعراق وسوريا، أدارها الباحث في شؤون المجتمعات الدينيّة والتنميّة المستدامة في جامعة هومبولدت بألمانيا الدكتور إيكارديت سونتاغ، وتحدّث بها النائب البطريركي للأقباط الكاثوليك بمصر المطران هاني باخوم، وأستاذ علم الإحصاء الأستاذ الدكتور غازي إبراهيم رحو، والباحثة في علم الاجتماع في جامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة ميري فيليبس، ومؤسّس بيت "كل الأمم" في ألمانيا السيد فادي كريكور.
كما خصص المؤتمر جلسة خامسة تمحورت حول "دور العرب المسلمين في إبقاء وتعزيز الحضور المسيحيّ في منطقة الشرق الأوسط"، وأدار الجلسة مدير المركز الكاثوليكي الأب رفعت بدر، وشارك بها أمين عام اللجنة الوطنيّة للحوار المسيحي-الإسلامي في لبنان الدكتور محمد السماك، وأستاذ الشريعة في جامعة آل البيت الأستاذ الدكتور عامر الحافي.
وختمت أعمال المؤتمر بجلسة خاصة عقدت في مدينة مادبا، عن واقع وتطلعات السياحة الدينيّة المسيحيّة في الأردن ، وادارها الاب بدر وتحدّث فيه رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجيّة معالي الدكتور فارس بريزات، وعضو لجنة السياحة والآثار النيابيّة سعادة النائب الدكتور مجدي اليعقوب.
هكذا اذا ، في عيد الاستقلال السادس والسبعين ، عقد المركز الكاثوليكي في السنة العاشرة على تأسيسه ، مع مركز كونراد اديناور في السنة الاربعين على تأسيس مكتبه في الاردن ، مؤتمرا دوليا حول المسيحيين في الشرق ، مؤكدين على انّ الدور الحضاري للمسيحيين لا يمكن أن ينساه أو يغفل عنه أحد، ولكنّ مستقبلهم مرهون بمقدار العمل المشترك مع الشركاء المسلمين ، لما فيه الخير والبركة ، وتنمية حس المواطنة وقيم المساواة الحقيقية ، والتمسك بالوحدة الوطنية ، والبناء على ما سبق من مبادرات قيّمة، تستحق ان تكون دروسا للعالم أجمع ، مثل اسبوع الوئام بين الاديان الذي نشره الاردن لمختلف اقطار العالم . والى المزيد من اللقاءات الثرية باذن الله.