وأشرقت الأرض بنور ربها وتجلت الشمس لخالقها مطيعةً أمره لتنير صباحات الوطن الذي استقبل جسد أحد أبطال جيشه ملفوفا بالراية، الجوابرة الرقم الجديد في قافلةً طويلة بدأت مُذ بدأ عهد العزة والفخار واحترام الإنسانية والوطنية ،فكل يوم تقدم الإنسانية إنسانا عرف معناها وقدم روحه فداء لها، الجوابرة حلقة جديدة في سلسلة شهداء الوطن ،إنهم شهداء الجيش العربي الأردني الذين لم يقفو صامتين أمام التحديات ،بل همو بكل عزم لخدمة روحهم الإنسانية في أعماقهم أولا ثم خدمة بلادهم .
أخي الجوابرة وأنت تلبث في تابوتك الملفوف بالعلم الأردني تبعث فينا مشاعر الشوق الذي ملئ قلب والدتك للقائك بعد عناء السفر ،وتبعث فينا صورة طفلتك (زينة) التي تلمس العلم بيديها الصغيرتين مشاعر الأبوة الغائرة في روحك والتي دفعتك لتخطي الأراضي وقطع المسافات علّك تصنع لها مستقبلا واعدا، وتخفف عن والدتها عبء ومشاق الحياة ،الجوابرة أحد أبطال الجيش الأردني وابن المخيبة التحتا في أقصى شمال الوطن حرّك شجون شعب يقبض على جمر الكرامة ويُدافع صعوبة العيش ومضى بنا مذكّرا إيّانا خالدا وصحبه ،حيث تلتقي أشراف المخيبة وتعانق أطلال اليرموك في الشعلة وتتطلع العيون لسفوح الضفة غربي النهر وتطاول الأنظار امتداد سهل حوران أماكن تذكرنا بركب الشهداء والأبطال من أمتنا تماما كأبطال جيشنا ،إنهم امتداد لذلك الركب وجزء من حضنه الكبير حين اجتمعت الليونة الإيمانية مختلطةً بالعزة الإسلامية منكّهةً بطيب الأردنيين وبساطتهم ملفوفةً بشماغٍ أحمرَ هدبته أردنية تفوح بالعبق، الجوابرة ولكل من اسمه نصيب فأنت عليٌّ بالقيم الإنسانية حيث ترتقي بصاحبها ليُقدم عونا لشعب أرهقته الحروب ودفع ثمن النزاع بلا ذنب.
الجوابرة والزيود والكساسبة والعجلوني وغيرهم أسماء عميقة شاركت المعركة وعلّها معركة النصر على الذات أولا ثم تشرفت تلك الأسماء لتسير في دروب الحق يُسمع صدى صوتها مدويّا هنا وهناك أنا الأردني المطرّز بالعز والكرامة .
عليٌّ وكل صحبك نبراس فخر ومصابيح تضيء درب السائرين وتبعث في البشر السلام معلنةً حروف اسمائكم عمق الإحساس الجزيل بمتاعب الآخرين وقد تجاوزتم بذلك حلو مذاق لقاء الأهل والزوجة والأبناء ،نتعلم من شذى عطركم أن حب الأوطان وعلو الأخلاق أسمى من كل شيء حتى أنها اوصلتكم منازل الشهداء كما نحتسبكم عند بارئكم، أليس للشهادة حلاوة تفوق حجم الألم وتدفع مالكها عشق الرجوع لتذوق نفس الحلاوة تلك .
هنيئا لك عليٌّ ولكل اخوتك من رفاق السلاح وحَمَلة الشعار ،أولئك الواقفين على الحدود الحارسين حمى الوطن الرافعين للراية، هنيئا لأسرتك علي إنجاب الأبطال، هنيئا لك ولصحبك من المغادرين وإن انقطع صوتكم في الأرض وانتهت إطلالة جبينكم المُزيّن بالشعار وغابت هيبتكم بالزي العسكري ،هنيئا لكم كل شيء .
وأنت علي المسافر الجديد نحو السماء فلا نقول في رثائك الا ما يرضي ربنا وإنا لله وإنا إليه راجعون.