في الحديث عن الامتحانات والتقويمات المدرسية
فيصل تايه
02-06-2022 12:24 PM
رغم الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم في تطور منظومة الامتحانات والتقويمات المدرسية ، لما لها من الأهمية في العملية التعليمية ، لكن ما يتبع في مدارسنا من أساليب للتقويم واصرار الكثير من المعلمين تبني الطريقة التقليدية ، وسط ضرورة متابعة الاشراف التربوي ، ما قد يتسبب في هدر أي جهد لتطوير هذه المنظومة ، ذلك ان التقويم من وجهة نظر العديد من المعلمين ، واصرارهم على إجراء الامتحانات التي تقيس تحصيل الطلبة ، أصبح الوسيلة الوحيدة للحكم على مستوى الطلبة ، وما زالت تختصر جميع نواتج التعلم في جانب واحد فقط وهو استدعاء المعلومات المقررة في الكتب المدرسية وتحصيلها ، الأمر الذي جعل الامتحان هدفًا غائياً في حد ذاته ، وأصبحت جميع الممارسات التربوية تتجه نحو تمكين الطلبة من اجتياز الامتحان بنجاح ، مما يعد شكلاً من أشكال الهدر التربوي الذي يفقد المنتج التعليمي قيمته وقدرته على المنافسة في المجتمع المعاصر بكل ما يحمله من تحديات.
إننا ونحن نسعى جاهدين الى تطوير منظومة التعليم يجب ان نحافظ على وظيفة عملية التقويم وان لا نفقدها قيمتها الحقيقية ، ذلك من خلال متابعة سير العملية التعليمية بحيث يمكن تصحيح الأخطاء ، ومعالجة نواحي الضعف ، وتدعيم نواحي القوة ، سواء أكان ذلك عند الطلبة ، أم في طرائق التعليم ، أم في المناهج الدراسية ، وان لا تصبح عملية التقويم بمثابة ثواب وعقاب ، وهو ما يتعارض مع المبادئ التربوية الأساسية في التقويم التربوي ، حيث لا يعطي الفرصة لإعادة النظر والعلاج .
إن التقويم التربوي يجب إن يستند إلى جمله من المعايير المرتبطة بالأهداف التربوية كالمهارات العملية والعقلية والميول والاتجاهات والقيم ، حيث يجب أن لا تقتصر على قياس الجانب المعرفي فقط وخاصة في أدنى مستوياته ، وهو الحفظ والتذكر بل يجب أن ترتقي لمراتب التطبيق والتحليل والتركيب والتكوين الكلي للموقف ، بحيث تبتعد عن المواقف الممتلئة بالرهبة والخوف فتؤدي إلى استدعاء لأجزاء قليلة من المعرفة بل تتطلب من الطالب ترتيب أفكاره و بيان الترابط بينها وإيضاح العلاقات التي تتضمنها ، كما وأن هذه الاختبارات تبنى على فلسفة تربوية تؤكد إبراز الفروق الفردية بين الطلبة بينما الهدف هو إكساب كل طالب الأهداف المرجوة من العملية التعليمية ، وعلى ذلك فلا بد من توجيه اختبارات التقويم الحالية نحو النظرة الشمولية، بعيدا عن تناول استدعاء المعرفة .
يجب أن نعي تماماً أن التقويم التربوي هو عملية مستمرة ولا يقتصر على منتصف أو نهاية العام ، حيث يبدأ ببداية المقرر وتسير معه جنبًا إلى جنب، حتى يتعرف المعلم والطالب ما استطاع إنجازه وما لم يستطع ، وتحليل الأسباب المحتملة لذلك وصولاً إلى تحقيق الأهداف المرجوة ، وكذلك فإننا بحاجة إلى مقارنة الطالب بنفسه من وقت لآخر لمعرفة مدى تقدمه أو تخلفه وفي أي الجوانب وأسباب ذلك والعمل على تلافي العيوب وإعطاء الطالب الفرصة للتعلم بالسرعة التي تناسب قدراته وعدم مقارنته بغيره ، بل يجب أن نربي بطلبتنا المسؤولية على اتخاذ القرارات ، إضافة إلى تشجيعهم على الابتكار والتفكير في حلول غير تقليدية لما يواجهونه من مواقف في مستقبل حياتهم.
علينا أن نبتعد عن توجيه العملية التعليمية كلها لخدمة الامتحانات ، وهو ما يترتب عليه انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية التي تفشت كالوباء في المجتمع ، إضافة الى زيادة انتشار ظاهرة الغش وأيضًا انتشار "مناهج الظل" والملخصات الخارجية ، لأنها تركز على تدريب الطالب على كيفية الإجابة عن أسئلة الامتحانات، وليس الاهتمام بتنمية جوانب النمو المتنوعة.
وأخيراً فان ذلك كله تنعكس آثاره على مخرجات التعليم حيث ان الطالب يعتمد على الحفظ أكثر ما الفهم كما سبق واشرنا ، ولا يحتفظ بالمعلومات والمهارات لمدة أطول كما ويبتعد عن استخدام التفكير العلمي ، حيث يتزود بثقافة الذاكرة أكثر من ثقافة الفهم والتطبيق والتحليل ، ولا يتم توجيه سلوكه بالصورة المناسبة لقصور قيام المعلم بالتوجيه ، والهدف هو الحصول على شهادة أكثر من استهدافه الإعداد لمواقف الحياة وكيفية مواجهتها .
وللحديث بقية