لقب أو صفة خبير يطلق بالأصل على الشخص الذي وصل الى حد معين من الممارسة الفعلية في مجاله لسنوات طويلة وخضع لكثير من الاختبارات والدورات وأنتج العديد من المؤلفات والأبحاث والدراسات والخطط والسياسات التي تشكل مرجعا لمن بعده وتصبح بمثابة موروث انساني تستفيد منه الأجيال اللاحقة .
لقب خبير لا ينطبق على الشخص لمجرد التقادم الزمني وطول عمله في مجال معين وانما بالقدر الذي يضيفه الى ذلك العلم ويساهم بتطويره وتقدمه وعادة ما تمنح المرجعيات المختصة من جهات حكومية ونقابات ومن يقع في حكمها مرتبة خبير ضمن التدرج المهني والأكاديمي .
اليوم للأسف تزدحم الساحة المحلية بالخبراء في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية وحتى الاجتماعية ونسمع يوميا عن الخبير فلان في مجال كذا أو شؤون كذا ومن السهولة تفصيل الشأن الذي يريد الشخص أن يقدم نفسه كخبير أو مختص فيه.
وقد اتسعت ظاهرة الأشخاص الذين يتسلقون على حساب لقب خبير و الذين لا يمتون له بصلة بحثا عن شهرة زائفة وتلبية احتياجات السوق السياسي والاعلامي في كثير من الاحيان والدخول أيضا في نطاق مناكفة الحكومة من خلال ملامسة القضايا التي ترتبط مباشرة بمشاعر الناس واهتماماتهم .
وبسبب ذلك زادت عمليات تضليل الرأي العام وخاصة لدى التعاطي مع القضايا الاقتصادية من خلال تقديم مثلا حسابات رقمية من السهل ان يتفاعل معها الشارع ويصدقها ويرددها على حساب المعلومات الصحيحة التي تصدر عن المؤسسات المختصة وبخلاف الواقع الاقتصادي محليا وخارجيا لدرجة التشكيك في الرواية الرسمية وعدم تصديقها وجر الرأي خلفهم.
من أكثر الموضوعات التي تسهم في تنامي ظاهرة «الخبراء المزيفين « هو التسابق الاعلامي خاصة من قبل الفضائيات لاستضافة أشخاص بصفة خبير لغايات التحليل وابداء الرأي بما يتلاقى وأهدافها وتوجهاتها مقابل بدل مادي عن كل مشاركة ويتم التعاقد مع محللين بصفة دائمة وتقديمهم على أنهم محللين لقناة .... للشؤون الدينية ، الاقتصادية والشرق أوسطية وبعضهم تجاوز الصومال وموريتانيا وأصبح يفتون بشؤونها من باب عالمية الخبير وغيرها .
وحتى الحرب الروسية الأوكرانية أفرزت خبراء لدينا في الأردن يعيدون القاء ما يقرأونه أو يسمعونه من أصحاب الشأن والاختصاص الحقيقيين مع تجميلات كلامية واستخدام مصطلحات من الأزمة.
وأسرع الطرق للفت انتباه الفضائيات ومراكز الدراسات هو تقديم الشخص نفسه بأنه خبير في الجماعات الاسلامية و الخبرة في تخصصات دقيقة داخل المجال نفسه مثل الخبير في تنظيم كذا أو الجماعات الصوفية أو في شؤون الحزب الفلاني وغير ذلك.
.. التصدي لهذه الظاهر السلبية ليس بالامر السهلة وتحتاج الى تعاون كافة الجهات ذات العلاقة وتنطلق من خلال البحث عن الوسائل الممكنة لمحاسبة الدخلاء على درجة الخبير كما يتم محاربة الدخلاء على المجالات الأخرى كالهندسة والطب وحتى الأعمال المهنية المختلفة.
(الدستور)