الاعلام المرعوب لا يخدم الاستثمار
سلامه الدرعاوي
02-09-2010 06:47 AM
لعب الاعلام دورا بارزا في تعزيز العملية التنموية, فبعد توسع الخطاب الاقتصادي الرسمي في النصف الثاني من التسعينيات خطا الاعلام عامة والصحافة الاقتصادية خاصة خطوات كبيرة مع الدولة واجهزتها في الترويج الاستثماري للمملكة, وشرح الميزات التنافسية للاقتصاد الوطني.
فالانفتاح الاقتصادي قابله انفتاح آخر في الاعلام, فلا بيئة اعمال جاذبة من دون وجود اعلام حر ونزيه ومسؤول, خاصة في ظل ضعف الحياة السياسية من احزاب ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني ودور هامشي لمجلس النواب, يظل الاعلام الركيزة الاساسية المتحضرة والمتبقية في معادلة رسم السياسات.
الكل يتذكر كيف احتضنت الصحافة المحلية مطالبات الملياردير المصري نجيب ساويرس عندما رفع قضية على هيئة تنظيم قطاع الاتصالات قبل عشر سنوات تقريبا وكسبها مما جعلت الرجل يتغنى بالاردن ومؤسساته وقضائه واعلامه في المحافل الدولية بعد تلك القضية.
حتى الاتفاقيات الدولية التي وقعها الاردن للانخراط بالاقتصاد العالمي والتي ثبت فيما بعد ان بعضها أُعد على عجل مثل اتفاقية الشراكة المتوسطية التي ابخست حقوق الصناعة الاردنية وساهمت في تراجع صادراتها الى اوروبا, تبنت الصحافة مطالبها وساهمت في حملات ضغط غير مباشرة على المعنيين لايجاد مخرج اقتصادي مما هم فيه, وقد نجحوا في ذلك بعد توقيع اتفاقية اغادير.
لا شك ان المستثمر ينظر الى الصحافة المسؤولة والباحثة عن الحقيقة بأنها ضمانة له ولاستثماراته, فهو يعتبرها بمثابة القاضي الذي يلجأ اليه عندما يشعر بالظلم او عندما يواجه تغول بعض المسؤولين او اصحاب الاجندات على استثماراته.
ليس صحيحا ان النقد والكشف عن الاختلالات في اي اجراءات حكومية او سياسات معينة قد يؤدي الى طرد المستثمرين, على العكس تماما فحرية الرأي والتعبير والحراك الذي تحدثه وسائل الاعلام ظاهرة صحية للاستثمار, بدليل انه ومع كل ما تناولته وسائل الاعلام من انتقادات لاجراءات اقتصادية غير سوية او تشريعات ثبت بعد ذلك انها مسخرة لخدمة فئة قليلة من المجتمع ما زالت الاستثمارات الخارجية تتدفق على الاردن بنسب عالية مستغلة الاستقرار النوعي الذي تنعم به المملكة.
لا شك ان بعض المسؤولين او اصحاب الاعمال خاصة اولئك المتحالفين مع الساسة لا يرغبون باعلام حر ونزيه, لذلك يواصلون حملة ترهيبه ووضعه في اجواء من الرعب, فهو يشكل لهم تحديا امام استمرارهم بمخالفة القوانين والانظمة واستغلال نفوذهم في تكديس ارباح يجنونها بطرق غير مشروعة, هؤلاء اعتادوا العمل في الكواليس بعيدا عن المساءلة والرقابة, لذلك لا نتعجب من موقفهم المأزوم الداعي الى ترهيب الاعلاميين.
هناك من يقول ان الاعلام اليوم بات يخدم مصالح ضيقة واجندات بعيدة عن المصلحة العامة, وقد يكون هذا صحيحا وينطبق على بعض الاعلاميين, ولكن يجب ان لا تعمم تلك النغمة السيئة, على انها موجودة في كل القطاعات والاعمال, فالجميع يعرف ان هناك مسؤولين قدموا الى البلد ولا يملكون ثمن اقساط سياراتهم الصغيرة, واليوم يشيدون قصورا ويحولون ملايين الدولارات الى مصارف في الخارج.
بيئة الاعمال وجذب الاستثمارات بأمس الحاجة الى اعلام دولة مسؤول ونزيه, فذلك الاعلام هو الشريك الحقيقي في عملية التنمية المستدامة لا الاعلام المرعوب ذا الاجندات الخاصة.
salamah.darawi@gmail.com