ما هو المعقول في الدعوة لمقاطعة البنزين والسولار والغاز؟ أو الدجاج والبندورة؟
لا يمكن أن يكون معقولاً الدعوة لمقاطعة الوقود بأنواعه و لو ارتفع ثمنه على المستهلك لأن البدائل التي تنقل البشر و البضاعة من مكانٍ لآخر غير موجودة. باختصار. هي دعوةٌ عبثية في واقع الاعتماد الكلي، والطبيعي، على هذا الوقود. و حتى لو أراد أحدهم المقاطعة فكيفَ و خطوط المواصلات العامة لا تصل لأمكنة عديدة و طبيعة الضواحي والمناخ تجعل من المشي من الصعوبةِ بمكان. و لا يوجد عندنا ممارسة النقل الجماعي بالسيارة الخاصة حين يتفق الجيران مثلاً لتبادل التوصيل. إنها إذاً دعوةٌ غير جدَّية لمجتمعٍ لا يستطيع إلا أن يستخدم الوقود بأشكاله للحياة، و أقصى ما يمكن عملهُ هو الاقتصاد في الاستهلاك الفردي بتقليص المشاوير. و أحسبُ أن الناس اليوم مثل الناس أمس في استهلاكهم المعتاد.
ثم إن المقاطعة كمبدأ لا تحملُ الكثيرَ من المنطق! قاطعوا الدجاج. حسناً. لكن لم لا تقاطع التدخين والأرجيلة فمقاطعتهما أكثر صحةً و نفعاً.
لستُ بمعرض النصح فيما يخص تسعير الوقود و لا غيره لكن الواضح أننا دولةً و شعباً قد نستفيدَ من النظر بأنماط الاستهلاك و ترشيدها. وهي دعوةٌ قيلت و لا تزالُ في كثير من الدول والمجتمعات. قد يقدرُ الفردُ على ضبط نمط استهلاكه و إن بصعوبة عند محدودية الدخل، لكن اقناعَ مجتمع على تبني نظام استهلاك اقتصادي مستديم الفائدة عادل التوزيع غير ضاغطٍ على العائلة يحتاج الأكثر جدَّيةً و إيجابيةً من دعوات المقاطعة.