قراءة مبكرة في مخرجات اللجان الاقتصادية
د.طلال طلب الشرفات
31-05-2022 11:06 PM
ربَّما تكون مخرجات اللجان الاقتصادية التي التأمت في الديوان الملكي الهاشمي العامر من أهم الأعمال الوطنية التي تحرص على معالجة العوار المؤلم في الملف الاقتصادي؛ بل أكثرها واقعية في التوصيف واحترافاً في التوظيف المنهجي الدقيق لسبل الدفع بالاقتصاد الوطني إلى الانتعاش والحيوية، ووضع الحلول الناجعة في السياسات والقرارت والتشريعات، وكل ذلك بعد تشخيص دقيق للأزمة بمهنية عالية، وصراحة متناهية، وشفافية عز نظيرها بعيداً عن المجاملة والمهادنة والمداهنة والنفاق.
ميزة تلك اللجان أنها عملت في الظل بهدوء بمعزل عن وسائل الأعلام، واستدعت الخبراء بعيداً عن المحاصصة والتنظير العام الذي أثقل كاهل الدولة منذ عقود، دون فائدة ترجى، فكان لا بدَّ من نهج مختلف يُحاكي مصالح الوطن العليا بواقعية، ويقدم وصفة إصلاحية لا تكتفي بتقديم حلول تقليدية بل ابتكار أساليب جديدة تأخذ بعين الاعتبار التنافس الطاغي في وسائل الاستثمار بالمنطقة والإقليم، وتنجح في تفكيك ثنائية الفقر والبطالة التي عجزت عنها كل الخطط السابقة.
في ظنّي الذي يلامس حوُاف القناعة أن مخرجات اللجان الاقتصادية ستسهم في تعزيز الاستثمار بحلول وخطط استثنائية تراعي طبيعة الاقتصاد الأردني، وسياسته النقدية والمالية، والتحديات الجسام الداخلية منها والخارجية المرتبطة غالباً بمعيقات البيئة الاستثمارية، وأولويات الدولة في الرسوم والضرائب، ومدى قدرة الموازنة على تحمُل المزايا الضريبية للمستثمرين، والمساحات المتاحة لقدرة الحكومة على استيعاب المحددات الأمنية والسياسية.
مشروع قانون البيئة الاستثمارية الذي تجري مناقشته هذه الأيام من قبل اللجنة القانونية الوزارية سيكون ذراعاً جريئاً للإصلاح الاقتصادي، وسيلجم مظاهر التطبيق الانتقائي والشخصي للنصوص المتعددة والمبعثرة المتعلقة بالاستثمار وما يرافق ذلك سياسات استثمارية حصيفة وغير مسبوقة، قرارات تجسُد مفهوم الثورة البيضاء في التعاطي مع مظاهر الخلل والاختلال في الشأن الاقتصادي؛ كي نغادر سياسات الأمر الواقع إلى أفق الهيكلة الرشيدة لقطاعات التجارة والسياحة والخدمات وغيرها.
ميزة مخرجات اللجان الاقتصادية أنها أخذت تطوير قطاعات الزراعة والنقل، وتكنولوجيا المعلومات كتحدٍ ناجز، والأمن الغذائي كخيار استراتيجي بعيداً عن حسابات الكلف التقليدية التي زادت من تحديات الاعتماد على الذات، وأمعنت في تكريس مفهوم الاقتصاد الهش المرتبط عضوياً بمخاوف الإيرادات العامة، ولذلك تبرز حاجتنا الملّحُة إلى
إنعاش الاقتصاد، وتخليصه من براثن العشوائية، والحسابات اللحظية دون اسفاف أو إجحاف.
التحديات الداخلية والخارجية بكل مضامينها السياسية والاقتصادية تستدعي توحد الأردنيين، والتفافهم حول قيادة جلالة الملك، ودعم جهود الدولة في أهدافها الوطنية؛ لكسر حلقة الفقر والبطالة. فالفرصة لن تتكرر كثيراً، والأوطان الحيّة هي وحدها التي تنهض وتتكاتف في الأزمات والظروف الصعبة وتقدم للعالم إنموذجاً في الشفافية والحوكمة والانجاز.
وحمى الله وطننا الحبيب، وقيادتنا المظفرة، وشعبنا الأصيل من كل سوء.