الحوار في مسألة ارتفاع اسعار الغذاء
د. عاكف الزعبي
31-05-2022 11:59 AM
ثقافة الحوار اداة للوصول الى التفاهم والتوافق على طريق الوصول الى حل الخلافات . وهي جزء من الثقافه العامه للمجتمع ودليل على تقدمها وايجابيتها وحيوتها . وتعتمد ثقافة الحوار اساساً على عدم تعصب المتحاورين لارائهم واستعدادهم للاستماع . لانه بغير ذلك لا يكون الفعل حواراً بل اقرب إلى ما نسميه للتندر حوار الطرشان .
اعتقد ان الكثيرين وربما الاكثريه توافقني بان اغلب ما تسمى في مجتمعنا بالحوارات هي في الواقع حوارات طرشان . الفرقاء كل متعصب لرأيه ولا يرى الحقيقه إلاّ في رأيه وهو ما يقوده الى مزيد من عدم الاستماع والتشبت برأيه . والنهايه معروفه ان الخلاف حول المشكله يبقى قائماَ . وعادة ما يكاد يتوقف الاستماع تماماً عندما تكون الحكومه احد اطراف ما يسمى حوار جزافاً .
هناك خلاف اليوم حول ارتفاع اسعار الغذاء الذي له اسباب عديده اغلبها قادمه من الخارج . ويحتدم الخلاف هذه الايام حول اسعار الدجاج بشكل لافت حتى ان عدداً غير قليل من المواطنين لجأوا إلى مقاطعة الدجاج ويقومون بحملة شعواء موجهة لشديد الاسف إلى المزارعين من مربي الدواجن رغم علمهم الاكيد ان اسعار الاعلاف قد ارتفعت بما لا يقل عن 50% . وليس الدجاج وحده هو من ارتفع سعره وقد اصاب الارتفاع اسعار انواع الغذاء المختلفه .
مقاطعة الدجاج سوف تضر اولاً وبشكل اكبر بصغار المربين الذي يصل عددهم إلى ما يقارب 1500 مربي ولن يبقى في السوق إلى الشركات التي يمكنها الصمود اكثر من غيرها وهي لا تزيد عن عشرين شركه تنتج ما يزيد عن 40% من الدجاج . وسوف يخرج صغار المربين من السوق وتلحق بهم الخسائر ويقل الانتاج ايضاً مما يؤدي إلى ارتفاع الاسعار إلى مستوى غير مسبوق . ومشكلة منتجي الحليب تسير اليوم على نفس الطريق وان كانت بحدة اشد .
السؤال هو هل سيقاطع المستهلكون كامل انواع الغذاء لانها جميعاً في طريقها لارتفاع اسعارها ؟ فهذا امر مستحيل ولا قبل لهم به . مقابل هذا السؤال سؤال آخر كيف يمكن التوافق على مواجهة ارتفاع اسعار الغذاء . والجواب هو بالحوار ولا شيىء غيره . على الجهات الحكوميه المعنيه ان تجمع الاطراف المعنيه وهي منهم لحوار وطني مسؤول يكون نموذجاً لحوارات اخرى كجزء من سياستها لمواجهة الموقف . لكن قبل ذلك على الحكومه ان تكون قد حددت سياستها اولاً لكيفية مواجهة مشكلة ارتفاع اسعار الغذاء .