عيد الاستقلال
الدكتور محمد خلف الخزاعلة
30-05-2022 07:35 PM
يحتفل الأردنيين في 25 أيار من كل عام بمناسبة عزيزة على قلوبهم، والتي تحقق فيها أهم إنجاز تاريخي في مسيرة الدولة الأردنية، وهو استقلال المملكة الأردنية الهاشمية وامتلاكها كامل سيادتها على كامل أراضيها وقرارها السياسي وانهاء الانتداب البريطاني في 25/ 5/ 1946 في عهد الملك المؤسس عبد الله الأول أبن الحسين طيب الله ثراه، حيث اعترفت الأمم المتحدة بهذا الاستقلال الدولي، الذي شكل علامة فارقة في تاريخ الأردن وأسس لمرحلة جديدة ومهمة في عمر الدولة الأردنية. حيث يجسد الأردنيين في هذه المناسبة أجمل الذكريات التي تعبر عن حجم التضحيات التي قدمها السلف السابق من أجل الوصول لهذا اليوم الذي تتجلى فيه أجمل معاني البطولة والقيم والمعاني التي تعبر عن الانتماء والوفاء للوطن الغالي، حينما التحمت القيادة مع الشعب في معركة البحث عن الحرية وتحقيق السيادة الوطنية والاستقلال التام للوطن، وبدأت هذه المرحلة منذ تأسيس إمارة شرقي الأردن عام 1921 في عهد الأمير عبد الله بن الحسين طيب الله ثراه، حيث بدأت ملامح الكيان السياسي الأردني تظهر للوجود، ومنذ ذلك التاريخ سعى المغفور له الأمير عبد الله بن الحسين وبشتى الوسائل المتاحة، من أجل الحصول على الاستقلال الكامل، ونتيجة لإصرار المغفور له الأمير عبدالله بن الحسين طيب الله ثراه، ومعه الأردنيين جميعاً، تحقق لهم ما أرادوا ، حيث أثمرت جهودهم عن توقيع المعاهدة الأردنية البريطانية( الصداقة والتحالف الأردنية-البريطانية) في 22 آذار 1946، والتي حصل الأردن على أثرها على استقلاله التام في 25/ 5/1946، وتم تغيير أسم إمارة شرق الأردن إلى المملكة الأردنية الهاشمية ونودي بالأمير عبدالله بن الحسين ملكاً عليها.
وما أن تسلم المغفور الملك طلال بن عبد الله سلطاته الدستورية بعد استشهاد والده الملك المؤسس عبد الله بن الحسين طيب الله ثراه عام 1951، حتى شرع في وضع الدستور الأردني لعام 1952، الذي اعتبر من أفضل الدساتير وأكثرها تقدماَ على مستوى العالم.
وعندما اعتلى المغفور له الملك حسين بن طلال طيب الله ثراه سلطاته الدستورية عام 1953، حتى بدأ عهد جديد من البناء والتطور الذي شهد العديد من الإنجازات التي أسهمت بدورها في إحداث تنمية شاملة، واعتبرت نقطة التحول في مسيرة الدولة الأردنية، حيث أصبحت الأردن في 1955 عضو في هيئة الأمم المتحدة، وفي عام 1956 اتخذ المغفور له الملك الحسين بن طلال قراره التاريخي بتعريب قيادة الجيش الأردني، من خلال عزل القائد المدعو كلوب باشا من منصبه وتسليم قيادة الجيش للواء راضي عناب.
وكما أن هاجسه الأكبر منذ ان تسلم سلطاته الدستورية هو التخلص من المعاهدة الأردنية-البريطانية، حيث تحقق له ما أراد في عام 1957 عندما تم أنهاء المعاهدة الأردنية-البريطانية، وفي عام 1968 تمكن المغفور له الملك الحسين بن طلال من قيادة معركة البطولة والتضحية معركة الكرامة التي سطر فيها أبناء الوطن أروع ملاحم البطولة والفداء، إذ تمكن فيها الجيش الأردني من الانتصار على الجيش الإسرائيلي، كما أن الجيش الأردني شارك في حرب 1973 لجانب اشقائه العرب في حربهم ضد إسرائيل، وفي عام 1994 تم توقيع معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل.
كما أن الأردن في عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال حقق العديد من الإنجازات وفي مختلف المجالات التعليمية وغيرها، من خلال بناء العديد من المدارس على امتداد مساحة الوطن وتأسيس العديد من الجامعات وعلى رأسها الجامعة الأردنية عام 1962، كما ان القطاع الصحي حظي باهتمام كبير حيث بناء المراكز الصحية والمستشفيات وزيادة الكوادر الطبية والتمريضية ورفد هذا القطاع بأفضل الأدوات والمعدات الضرورية في سبيل تقديم افضل الخدمات الصحية للمواطنين، كما أن حماة الوطن( القوات المسلحة) بمختلف صنوفهم حظوا بكامل الرعاية والاهتمام سواء في مجال التسليح والتدريب، وهذا التطور شمل مختلف قطاعات ومؤسسات الدولة الأردنية، وتميزت السياسة الخارجية الأردنية في احترام الأخرين وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية ومد جسور التعاون والصداقة معهم وحل الخلافات عن طريق الحوار، واولى القضية الفلسطينية جل اهتمامه، وحظيت المقدسات العربية والإسلامية في فلسطين وخاصة مدينة القدس بكامل الرعاية والاهتمام.
وما ان تولى الملك المعزز عبد الله الثاني أبن الحسين حفظ الله سلطاته الدستورية عام 1999 خلفاً لوالده المغفور له الملك الباني الحسين بن طلال طيب الله ثراه، حتى استمر في رحلة البناء والتطور، وعلى مختلف الصعد سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو التعليمية أو الصحية أو الاجتماعية، وذلك من خلال إحداث نقلة نوعية في إصدار العديد من التشريعات التي تتناسب مع التغييرات والتطورات التي مر بها المجتمع الأردني، والتي تتمثل في إنشاء وزارة التنمية السياسية، وهيئة مكافحة الفساد، التعديلات الدستورية عام 2011، التي تم بموجبها إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات، ومنظومة النزاهة الوطنية، المحكمة الدستورية، بالإضافة للتعديلات الدستورية 2014، قانون اللامركزية، ثم الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وعقد العديد من الاتفاقيات التجارية مع العديد من دول العالم، إقامة العديد من المناطق التنموية في الأردني، ومنطقة العقبة الاقتصادية، إصدار العديد من البرامج والسياسات التي تهدف لحل مشكلة الفقر والبطالة، إيجاد العديد من المبادرات والبرامج والسياسات التي تهدف إلى التطوير الفكري لدى الشباب مما يساعدهم على الانخراط في جميع نواحي الحياة، إصدار العديد من البرامج والخطط من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف، كما انه اهتم بالقضية الفلسطينية اهتمام كبير وحملها إلى المحافل الدولية، وحظيت المقدسات الإسلامية في فلسطين( القدس) بالرعاية الكاملة، واهتم جلالته بتطوير قوات المسلحة الأردنية وتقديم كامل الرعاية لمنتسبيها سواء عاملين أو متقاعدين، وقامت السياسة الخارجية الأردنية في عهده على الحوار ومد جسور التعاون وتحقيق المصلحة الوطنية، وكان يغلفها الطابع الإنساني.