هي عمان تغلّ بالقمح في موسم الحصاد ، على أيدي أبنائها مثل ربيع زريقات وليث دويكات ، وهما يقيمان مشاريعهم الريادية في زيادة مساحات القمح، هذه المبادرات تبقي لنا شيئا من الأمل رغم كل هذا الغضب والحنق والغلاء في البلاد .. هذه التلوم التي حرثوها في أول المطر في التشارين إكتست بالذهب اليوم ، ربما نجت هذه " النمرة" من صفقة سمسار ، وتاه قوشانها ولم يبعها بعد لتاجر جاء من وراء البحار والصحاري ، ليشتري موارس كانت وما زالت تفيض بالقمح والشعير وهي على ربوة تربتها مثل الدم .. هي مغاريب عمان التي زرعوها بنايات وإسكانات وفلل .. ومولات مثل مستوطنات تحارب الأرض والزراعة وحب البلاد ..
يقول عدنان أبو عودة أن وصفي التل خطفه الموت قبل أن ينفذ وعده بإصدار قانون يمنع البناء في مغاريب عمان الصالحة للزراعة البعلية .. لكنها الغصة التي ما زالت في حلوقنا منذ أن ذهب وصفي مظلوما وذهب معه مشروعه ، وضاع مشروعنا الوطني من الزراعة حتى الهوية...
قبل أيام شاهدت صور حصاد العدس في كرودور عبدون ، وعلى أطراف مولات شارع المدينة الطبية وقف الحصادون ينادون ويغنون : منجلي وا منجلاه
على وقع المارين نحو خلدا وأم السماق ، كانت أصواتهم هنا في بيوت النعيمات والعبابيد والعساف المشرعة للضيفان وللقهوة وحكايات الفرسان ..
وتغيب أصوات الحصادين ومناجلهم مع جلبة سيل السيارات الفارهة الذاهبة نحو وادي السير وبيادرها الفارغة إلا من المقاهي والمطاعم والإسفلت والإشارات الضوئية ، وربما يثير إنتباهك صوت عمر العبدللات يهرب من راديو سيارة لفتاة تنثر شعرها للريح ويصدح بقصيدة عرار:
"ليت الوقوف بوادي السير إِجباري
وليت جارك يا وادي الشتا جاري"
القلب يرّف لقمح عمان ولجهد هؤلاء الشباب الأردني الزريقات والدويكات وهما يحملان مشروع زراعة القمح في بلادنا ، فليست الريادة تطبيقات إلكترونية وليست متجرا أو مطعما جديدا ، إنما إحياء زراعة القمح هي ريادة وطنية ، فسلام عليكم وسلام على قمحنا وبيادرنا التي ما نضبت يوما ، وسلام لقلوبنا التي تنبض بحب عمان التي لم تكبر بعيوننا ، ونعرف أن هذه المروج قريبة من المدينة الطبية حيث أقام الحسين مشفى للقلوب على هذه الربوة ، وكان يدرك أن بعض الشفاء دعوة وقصيدة وأغنية وإهزوجة على مبسم بلادنا الطيبة..!!!
ومع ربيع وليث نغني في عيد إستقلال بلادنا : هذي بلدنا وما نخون عهودها …