زيارة بايدن والدلالة السياسية
د. حازم قشوع
30-05-2022 11:32 AM
تشكل جزيرة تيران المدخل الوحيد لدخول البواخر الكبيرة لخليج العقبة كما تشكل صنافير بوابة خليج العقبة وعنوانه، ولهاتين الجزيرتين اهمية كبيرة ليس فقط على الصعيد التجاري، لكن ايضا على المستوى الاستراتيجي وذلك لطبيعة الموقع الجغرافي الذي يميز موقع هذه الجزر وللطبيعة المكانة التي تشكلها بموقع على رأس خليج العقبة.
الامر الذي يعول عليها في مسألة الربط البحري للتجارة لخليج العقبة الواصل لاربع دول كما تعتبر هذه الجزر مركزا للتواصل البري بين آسيا والعمق الافريقي اذا ما احسن استثمارها ضمن منظومة عمل تنموية وامنية في اطار الامن الاقليمي للبحر الاحمر الذي بات يزخر بمدن سياحية عديدة وحركة تجارية نشطة تتفرع منها مسارات الخطوط البحرية بين خليج السويس الواصل عبر قناته لاوروبا وخليج العقبة الذي تتكئ على هذه الجزر لتكوين جسر بري واصل بين الضفتين الافريقية والآسيوية في البحر الاحمر.
تيران وصنافير التي اودعهما الملك عبدالعزيز عند مصر بناءً على طلب من الملك فاروق في حينها من اجل حمايتها كمركز أمني استراتيجي لحفظ الامن الاقليمي للبحر الاحمر وخليج العقبة وذلك بعد ما قامت قوات الاحتلال الاسرائيلية بالاستيلاء على منطقة ام الرشراش التي باتت تعرف بايلات الحالية في نهاية عام 1949.
وذلك بهدف قطع الطريق على اسرائيل لايجاد ضابطة امنية على رأس خليج العقبة من خلال الموقع الاستراتيجي لام الرشراش وهذا ما جعل من هذه الجزر تشكل نقطة امنية بحماية مصرية وهو ما تم دعمه وتأييده من الحكومة السعودية بموجب رسائل واتفاقات تم ارسالها للامم المتحدة أكدت على فحوى ومضامين وديعة هذه الجزر عند الجانب المصري وهو ما جعل بوابة خليح العقبة تكون بوابة اقليمية وليست دولية وذلك من واقع وقعها على الحدود المصرية من على جانبي المدخل المؤدي للخليج العقبة.
وبعد الاحتلال الاسرائيلي للمناطق المتاخمة لهذه الجزر اخذ يشكل هذا المدخل مياه دولية بحكم دخول اسرائيل كطرف في الحماية الدولية إلى أن عادت هذه الأراضي بالتفاوض للجانب المصري بعد انتهاء المدد القانونية التي جاءت باتفاقات كامب ديفيد لتعود معها قضية تيران وصنافير للبروز وتشكل عنوان جديد للامن في البحر الاحمر وفي خليج العقبة على وجه الخصوص.
وهي الإشكالية التي لم تحسم بعد وذلك لعدم موافقة اسرائيل على عودة هذه الاراضي للسعودية لكونها اعتبرت ان مصر اخذت ثمن انسحابها من هذه الجزر دون اشراكها في الصندوق الاستثماري الذي تم تشكيله بين مصر والسعودية بمبلغ 16 مليار دولار وفي السياق المتمم لم يحظى قرار عودة السعودية للسيطرة على هذه الجزر بالموافقة الامريكية كونها رفضت وجود قوات امريكية وتريد قوات دولية وهي بذلك تؤثر على مناخات الاتفاقية الاردنية الامريكية وهذا ما جعل من جزر تيران وصنافير عنوان عريض للمشهد الامني في البحر الاحمر.
وما بين ما تريد السعودية من قوات دولية وما تتطلبه الاتفاقية الاردنية الامريكية من معادلة للقيادة المركزية الوسطى لامن خليج العقبة يبقى هذا الملف في عهدة الزيارة التي ينتظر ان يقوم بها الرئيس جو بايدن للمنطقة والتي قد تشمل زيارة قصيرة للاردن او ان يشكل الاردن محطة اللقاء فيها كما يتوقع بعض المتابعين.
زيارة الرئيس جو بايدن للمنطقة من المفترض أن تزيل كل العوالق التي تحول دون ايجاد تيار سياسي للمنطقة وذلك بمشاركة الاردن ومصر والعراق اضافة لمجلس التعاون الخليجي وهي الموضوعات التي ستحملها الطائرة الرئاسية عندما تبدأ جولتها في المنطقة هذا بالاضافة لمواضيع اخرى سيتم العمل على علاجها ضمن الاطار الامني الناظم لامن واستقرار المنطقة ستكون على قواعد تحفظ مشاركة الجميع في بيت القرار الامني وترسم نموذجا قادرا على التوافق على التفاصيل بعدما تم التوافق على الخطوط السياسية العريضة للمنطقة.
مسألة تيران وصنافير هي مثال يؤكد بالدلالة والرمزية ان موضوعات المنطقة قد دخلت بالتفاصيل واقفلت ابواب الاجتهاد حول الاطر السياسية وتوافقت على الخطوط العامة لمسارات العمل عندما رسمت نظام للضوابط والموازين معادلته وكما اتفقت على مرجعية المنظومة الامنية الناظمة لقواعد الاشتباك في المنطقة وهذا ما ظهر بالامس بمسيرة الاعلام التي التزمت بالنص ووقفت عند حد ميزان هذه الضوابط الامنية وكما يؤكد ان الملفات المركزية بدأت تدخل في حالة انفراج مع دخول قضاياها بالتفاصيل وتفرعاتها الجزئية وهو ما يشكل رمزية الدلالة السياسية لزيارة الرئيس جو بايدن للمنطقة.