يبدو أن اتفاقيات التعاون الثلاثي العربية العربية والتي يشكل الأردن أحد أركانها الأساسية باتت البديل لمشاريع ومحاولات تحقيق التكامل الاقتصادي العربي على نطاق شامل في مختلف المجالات والتي باءت بالفشل لأسباب تتعلق بالخلافات السياسية والأفق القطرية الضيقة لبعض البلدان والتدخلات الخارجية التي ترى في مشروع التكامل المنشود تهديدا لمصالحها في ضوء ما يمتلكه عالمنا العربي من موارد وامكانات وطاقات بشرية وغيرها.
وخلال 7 أشهر تقريبا يتم الاعلان عن مبادرتين عربيتين في اطار ثلاثي لتحقيق التكامل في القطاع الصناعي .. الأولى كانت في تشرين الثاني من العام الماضي 2021 وضمت الأردن ومصر والعراق وأمس تم الاعلان عن مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة وأطرافها أيضا الأردن ومصر والامارات ورصد لها حسبما صدر من تصريحات رسمية 10 مليارات دولار تتوزع على كافة المحاور الواردة فيها.
اختيار القطاع الصناعي في المبادرتين يأتي انطلاقا من أهمية الصناعة على مستوى العالم ككل من حيث مساهمتها العالية في الناتج المحلي الاجمالي وتوفير فرص العمل وزيادة الصادرات وتحريك مختلف القطاعات التي تنتعش بالقدر الذي تشهد في الصناعات تطورا ونموا وانتاجية.
في الأردن مثلا تساهم الصناعة بما نسبته 25% من الناتج المحلي الاجمالي وتشغل أكثر من 220 ألف عامل وحوالي 93% من الصادرات الوطنية عبارة عن سلع صناعية عدا عن دور القطاع في تلبية جزء من احتياجات السوق.
جائحة كورونا وتداعياتها والحرب الروسية على أوكرانيا وغيرها من الأوضاع الضاغطة التي يشهدها العالم فرضت أنماطا جديدة من التعاطي مع مختلف المشكلات الاقتصادية دوليا واقليميا والمقدرة على مجابهة المخاطر التي تهدد العالم ككل بخاصة المشكلات الاقتصادية وتفاقم أزمة الأمن الغذائي وارتفاع أسعار الطاقة وغلاء الأسعار وما تشهده مختلف الأسواق لم يعد بمقدور العديد من البلدان التصدي لها واستيعابها على المدى القصير.
بالنظر الى المعطيات لكل اقتصاد عربي على حدة نجده غير قادر بمفرده على تجاوز الظروف الراهنة والمتوقعة في ضوء أزمات الغذاء وتراجع الامدادات للأسواق العالمية وكلف الطاقة الباهظة وغيرها وبالتالي فان مثل هذه المبادرة تؤسس لحالة جديدة من التعاون الاقتصادي العربي العربي نواتها ثلاثة دول وممكن أن يزداد العدد لاحقا خاصة وأن التركيز ينصب على نواح استراتيجية وذات أولوية يتصدرها تعزيز الأمن الغذائي وتخفيض نسب الفقر والبطالة.
(الدستور)