"دولة إسرائيل ضد اليهود" .. كتابً خطير "يُشرِّح" الكيان العنصري (4)
محمد خروب
27-05-2022 12:10 AM
قارئ المقتطفات الموسّعة من كتاب الصحافي الفرنسي اليهودي/الإسرائيلي سيلفان سيبِل الأخير2020, يجد صعوبة في اقتباس ما يخدِم هدف إطلاع عدد كبير من القراء والمعنييّن, نظراً لما احتواه من معلومات وإضاءات لافتة, عنما مزج في ذكاء بين القراءة النقدية العميقة, و"التطوّر» الذي حدث في إسرائيل عبر الإنزياح المتدحرج بل المتسارع نحو اليمين, بجناحيه اليمين المتطرف والمتطرف جداً الذي يجمع اليمين الصهيوني/القومي وذاك حامل ايديولوجية الصهيونية/الدينية. على نحو أحكمت فيه الحركة الصهيونية قبضتها على مجتمع إخترع/واقتنع بمزيد من الأساطير, الرامية تكريس روايته حول الأرض الموعودة من السماء, وتلك الأسس/الخزعبلات التي روّج لها الصهاينة, بهدف ابتزاز الحكومات الغربية في اسغلال جرائم الهولوكوست/المحرقة, وخاصة رمي تهمة معاداة السامية على مَن ينتقد إسرائيل ويؤشر الى جرائمها وارتكاباتها بحق الشعب الفلسطيني, تحديداً بعد عدوان حزيران 1967.
يكشف المؤلف في الفصل السادس/المُعنوَن"دولة الشين بيت وَصلَتْ» (شين بيت/ أو الشاباك... هوالاختصار العِبري لجهاز المخابرات الداخلية/الإسرائيلية, فيما يُعرَف جهاز المخابرات الخارجية/عِبرياً بـِ"موساد"). يكشف المؤلف باستفاضة عن معلومات خطيرة, أحسب انها تُنشر لأول مرة إذ يقول» النموذج المُستقبلِي الذي تصدره إسرائيل, هو نموذج الدولة الأمنِية, وقلة من الدول ـيُضيف ـ جنّدت وسائل فكرية وبشرية ومالية في هذا المجال مثلما فعلت إسرائيل.
كانت إسرائيل ـيُواصِل ـ تُحضّر نفسها لذلك, لقد شرَعتْ في التفكير بالمعايير القانونية التي يجب تطبيقها على أراضٍ محتلة «قبل» أربع سنوات من شهر حزيران 1967، عندما استولت قواتها على الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وسيطرت على سكانها، في الواقع -يستطرد- طلبت هيئة الأركان الإسرائيلية منذ عام 1963 من مُدعي عام الجيش/مئير شمغار (الذي أصبح رئيس المحكمة العليا بين 1983-1995)، إعداد مجموعة من قوانين «ستلّجأ» إسرائيل إلى تطبيقها في حال سيطرت على أراض جديدة.
يقتبس المؤلف عن المؤرخ الإسرائيلي/غي لارون بأنّه «أُعطيت محاضرات إلى ضباط تلاميذ وإلى ضباط احتياط منذ صيف العام 1963، حول تطبيق القانون العسكري فوق أراضي يتم غزوها. إذ في كانون الأول 1963 عيّنت هيئة الأركان الجنرال/حاييم هيرتسوغ مدير الاستخبارات العسكرية/"أمان» رئيساً لوحدة خاصة، مُخصّصة للتحضير لاحتلال «مُحتمَل» للضفة (وقد أصبح لاحقاً أول حاكم عسكري للضفة الغربية عام 1967, كذلك لاحقاً أصبح رئيساً للدولة, وهو والد الرئيس الحالي لإسرائيل/إسحق هيرتسوغ).
يشير لارون أيضاً بأنّه منذ ذلك الحين أي عام 1963، أَدخلتْ الكلية العليا للدراسات العسكرية الإسرائيلية منهاج إدارة سكان الأراضي المحتلة، وطُبِ كراس مُوجه إلى المسؤولين عنهما في المُستقبل, وكانت تُوضع منه نسخ في الحقيبة التدريبية التي سوف يَتسلّمها القضاة والمدّعون العسكريون حالما يبدأ الاحتلال».. كما كتب لارون.
ماذا نتج عن تخطيط.. سيناريو كهذا؟
يُلحظ أنّه منذ أزيد من نصف قرن يخضع سكان هذه المناطق المحتلة, إلى معاملة قانونية عسكرية «خاصة» تمّ إعدادها منذ وقت طويل.. إذ رغم أنّ إسرائيل تدّعي أنّها دولة ديمقراطية إلّا أن هناك ثلاثة «نماذج» يتمّ تطبيقها على النحو التالي:"ديمقراطية» تعني ضمان التمتع الكامل بالحقوق لرعايا الإثنية/اليهودية، وتُمنح حقوق «مَدنية» للإسرائيليين من المواطنين العرب/أي فلسطينيي الداخل، مُدمجة بسلسلة من أشكال التمييز تجاههم، وأخيراً النموذج الثالث.. وهو نظام عسكري/إستثنائي لسكان المناطق المحتلة (من غير اليهود/المستوطنين). ونظراً للفترة الطويلة التي طُبّق فيها فقد تحوّل إلى نظام تمييز مُنظم..
مَن نحت مُصطلح «دولة.. شين بيت"/الشاباك؟.
إنّه الفيلسوف الإسرائيلي يشعياهو ليبوفيتز عندما قال «وكتب أيضاً": إن دولة تُسيطر على سكان مُعادين لها، سوف تُصبح بالضرورة دولة «شين بيت", مع كل ما يترتب على ذلك بالنسبة للتعليم وحرية القول والفكر وبالنسبة للديمقراطية -مُضيفاً-.. سَيفرض الفساد نفسه الذي نجِده في جميع الأنظمة الاستعمارية.. على إسرائيل».
** استدراك: جهاز «شين بيت"/الشاباك.. كجهاز استخبارات سرّي للأمن الداخلي/الإسرائيلي, هو المَعني الأول بتكريس الاحتلال/والسيطرة على فلسطينيي الضفة الغربية المحتلة 1967 بما يتجاوز المؤسسة العسكرية/أي جيش الاحتلال نفسه. فضلاً عن «مسؤوليته» عن فلسطينيي الداخل 1948.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي