الامتحان الأسهل الأكثر صعوبة
03-07-2007 03:00 AM
بعيداً عن المحاور الأربعة (المغلقة) في تخريجات هيكل الأخيرة ، والدعاء له بأن لا يطول انتظاره ل(حاجة) ما ، لا يدري ما هي لكن لا بد منها لفتح مغاليق محاوره آنفاً ، فخيبة المشروع القومي لا تريد ترجماناً لكربلائياتها كعطوان وغيره أو فيلسوفاً يرى في معادلاتها الفكرية كهيكل وغيره ، فالوضع الرديء كما كان يسميه المرحوم حسن التل قد بات متردياً وأكثر رداءةً من هوامش قباني على دفتر نكسته ، حين كان ممكناً في مستحيله الشعري أن تقتل دبابة عربية ذبابة إسرائيلية ، وهو ذاته ما جعل حيدر محمود يُسطر اعتذاره عن خلل فني طارئ ، بل هي للأسف مرحلة متقدمة (جداً) لحالة كان أحد أسبابها – وفق مانع العتيبة : و اغتنوا عن تجريد سيف ورمح / بقوام لدن وطرف كحيل !
غالبتُ هذه الحالة فغلبتني في استهلالها أعلاه ، لكني سأبقى أصارع لُبّها هاهنا بتذكير نفسي والقراء الكرام ، بالتفاؤل وعدم القنوط إذ أن رحمته سبحانه قد وسعت كل شيء ، فإعلان الموقف الحيادي على لسان الرئيس مبارك عقب انتهاء شرم الشيخ ، يبعث أولاً على شيء من التفاؤل مع أنه جاء كملحق أي بعد انتهاء أعمال المؤتمر وعودة الضيوف إلى بلدانهم ، ولأنه ثانياً يكاد يكون الكابح الإيجابي الوحيد الذي عقلن فوضى ما انضوى عليه المؤتمر من محاور وسقوف ، ناهيك بانفلات الأسئلة التي لم يكن أولها حول الوقوف مع شرعية السلطة ضد حماس ، ولم يكن آخرها الاتفاق والأدق البحث عن توصيات أو نتائج تصلح أن تكون بياناً ختامياً ، وحسناً جاء الملحق / الموقف المحايد وإن متأخراً قليلاً إذ كادت تنطلي على الجميع بمن فيهم المضيف المصري ، إذ وبمنتهى الصراحة وبعيداً عن تدوير المطالب الإسرائيلية على أجندات إيهود أولمرت ، لم يكن هناك – حتى مع إضافة الملحق – أي جديد طرحه هذا المؤتمر !
وهي بالمناسبة أجندات بدت – وعبر قراءة ما عليها من بنود تضج مطالبَ وبدائلَ وإحالات ، مثل النهايات السعيدة لأفلام الأبيض والأسود المصرية القديمة ، فمن هو حقاً في سعادة أولمرت وهو يملي شروطه على الفلسطينيين و العرب والمؤتمرين جميعاً ؟، وأنه بدون إطلاق سراح شاليط مثالاً لا حصراً لن يكون هناك (حل الدولتين : إسرائيل وفلسطين) ؟، من أبواب هذه السعادة – و التي راح يغلقها الموقف العربي الموحد ، المُعلن على لسانيّ صاحبي الجلالة الملكين الأردني والسعودي المعظمين – باب صرف رواتب شهر كامل من الضرائب التي أفرج عنها أولمرت لموظفي السلطة المدنيين و العسكريين في (دولة الضفة !) ، وحرمان موظفي السلطة (الانقلابيين !) في (إمارة غزة !) والذين أصدرت (حماسهم) فتوى بعدم قبض الراتب – إن وصل .. ولن يصل ! – إذ أن الرواتب لم تُصرف للطرفين منذ شباط عام 2006، ومن دواعي سعادته تمهيد الأجواء له تماماً بمساعدة واشنطن (الوزيرة رايس) ، حيث لا ندري تحت أي معادلة سنفهم إعادة الهيكلة الداخلية للدولة العبرية ، إذ أنه شعبيته حتى شهورٍ ثلاثة خلت كانت دون ( 2% ) وبدل الرحيل كنتيجة طبيعية حدث العكس تماماً ، بأن قامت رايس بإقناع زعامات تل أبيب بإبقائه عاماً آخر على الأقل – حتى انتهاء ولاية المحافظين ، وإعادة ترتيب البيت الإسرائيلي من الداخل – مجيء باراك وزيراً للحرب مثالاً لا حصراً ، بمعنى أن الأجواء مهيئة له في التعامل مع رئيس سلطة (ملو الإيد) ، مرضي عنه أميركياً وإسرائيلياً وعربياً وكذلك رئيس وزرائه سلام فياض حتى قبل تمتعه بالشرعية إنتخابياً .
ومهما يكن .. خلوصاً – وللحديث إحالاته ، فإن المشهد برمته يبدو مثل إمتحانٍ صعب ، سُرِّبت إجاباته فور سقوط أول نقطة دم فلسطينية بين فتح وحماس ، وهو وضع لم يخفِ أيضاً السفير الأميركي في القدس سعادته بترديه ، حين جاهر بالقول أن هذا السائل الساخن – يقصد الدم الفلسطيني – يبعث على الرضى والسعادة ، غير أنها سعادةً ستصبح كما الحمل الكاذب حين يعود الطرفان إلى رشد الأمر المطلوب فوراً وبقوة ، إما بالحوار إذ لا بديل عنه بأي حالٍ من الأحوال أو حين يحتكم الطرفان إلى صناديق الإنتخاب ، لكن هذه المرة لن ينتخب الفلسطينيون من جعلهم يساوون مصيرياً بين أعدائهم : إسرائيل أم الآخرون (؟!) ، وبديل ذلك كله سيكون للأسف أبواباً أخرى لسعادة أولمرت ، والذي قد يسمح ضمن الحواجز وخلف الجدران بوجود دويلتين (إمارة غزة و دولة الضفة) ، تكونا قابلتين للحياة لكن (كانتونياً) وعلى الطريقة الإسرائيلية .. طبعاً !!! ]
Abudalhoum_m@yahoo.com