كان يوم الأردن والملك..
والأنظار متجهة نحو الخطاب الذي وجهه الملك في أول احتفال بعيد الاستقلال في المئوية الثانية للدولة، والعيون ترقب فصول الاحتفال بالمناسبة الوطنية الجليلة بباحة قصر الحسينية بدابوق.
الصورة والإطار في المشهد مختلفان، فقد بدا على الملك تعب السنين وآثار العملية الجراحية، وفي الغلاف الآخر صورة الملك في ساحة الاحتفال بين جنده، إذ ما زال -كما عهدناه- قويا، يسير بانضباط عسكري لا نظير له بما يمنحه الفرادة من بين زعماء العالم، فارتاحت قلوبنا واطمأنت سريرتنا على مستقبل هذا البلد برعاية أسرته الهاشمية الصغيرة والأردنية الكبيرة التي تلتف حوله.
الملك أصبح عاطفيا أكثر من ذي قبل، ومنظر العينين وهما تغرورقان بالدمع تأثرا بقصة الشاب الشجراوي كانت الأبرز في المشهد وحديث الناس، حتى غدت (الترند) على مواقع التواصل الاجتماعي وحظيت بأعلى نسبة مشاهدة من قبل الأردنيين على صفحات الإنترنت.
عواطف الملك الجياشة تدخل قلوب الناس في الحال، والمشاعر والحركات الطبيعية العفوية أصدق وأبلغ أثرا من كل الخطابات واللقاءات، فالملك إنسان قبل أي اعتبار آخر.
هذا مدخل ..
عودة إلى الخطاب الذي انتظره الأردنيون ليسمعوا من الملك جديده. فقد أعطى جلالته مجموعة إشارات وعناوين لما بعد الخامس والعشرين من أيار 2022 مطمئنا الشعب على مستقبله في ظل دوامة اللا استقرار التي تسود العالم بين حرب هناك واحتلال هنا ومؤامرات ودسائس ووجوه بأكثر من لون، ناهيك عن القلق من الجوائح وتداعياتها ومخاوف تتعلق بإمدادات الغذاء واستدامة الحياة.
انتبه المحررون في وسائل الإعلام لمصطلح "الأردن الجديد" الذي استخدمه الملك وكأن هناك شكلا جديدا وإدارة جديدة للحكم، لكن الحقيقة أن جلالته ربط هذا المصطلح بالمستقبل والأجيال الشابة التي ستقود التغيير، مع أننا بدأنا نلمس تغييرا في إدارة الدولة منذ أن أعلن الملك تشكيل لجنة إصلاح المنظومة السياسية وما تبع ذلك من إقرار للتعديلات الدستورية والقوانين ذات الصلة وعقد الورشة الاقتصادية بتوجيه من الملك والتي ينتظر الأردنيون مخرجاتها بعد أيام، وإلغاء قوانين وإقرار أخرى، ما يعبر عن ثورة في الإصلاح الاقتصادي والاستثماري في البلد، وهو العنوان الأبرز في توجيهات الملك للحكومات المتعاقبة.
ظهر الملك اشتراكيا للوهلة الأولى وهو يقول: "الأردن، قصة الكفاح والعطاء المجبولة بالدم والعرق، مسيرة الأردنيين جميعا، جنودا وعمالا ومزارعين، وكفاءات في كل الميادين، وبناة مؤسسات وطنية رائدة".. وظهر رأسماليا في قوله: "لا يكتمل مسار التحديث، دون اقتصاد قوي، يرفع من معدلات النمو، ويخلق فرص العمل، ولذلك سنطلق خلال الأيام القادمة، رؤية اقتصادية متكاملة للسنوات المقبلة، لتكون وثيقة مرجعية شاملة".
في إشارات التغيير؛ وهي بالمناسبة قصة الأردنيين على الدوام، أشار الملك إلى إدارة حصيفة وكفؤة للاقتصاد في المرحلة المقبلة، وهي إشارة مهمة تؤخذ على محمل من التوقع، إضافة إلى حديثه عن ربط التحديث السياسي والديمقرطي بكسر ثنائية البطالة والفقر، وهو المصطلح الذي يستخدمه الملك للمرة الأولى.. وإشارته بوضوح إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تدشين مرحلة جديدة في مسيرة اقتصادنا الوطني، ووضعه محددا زمنيا لوقف العمل بأوامر الدفاع خلال الأشهر القليلة المقبلة (....).
هناك أصوات علت -لكنها خافتة- عن المبالغة هذا العام بالاحتفال لثلاثة أيام وعن الترتيبات الملفتة لشركة العلاقات العامة وعن الكلفة وتطييب الخواطر بتوسعة عدد الحضور والتكريم مع أننا نرى ذلك طبيعيا جدا وضروروة ملحة بعد انتهاء جائحة كورونا ودخول البلاد في مئوية جديدة وخروجها من أزمة الفتنة التي طويت بشفافية عالية وارتياح عام لمستقبل البلاد وصحة الملك وولاية العهد وقوة الجيش وحرفية أداء الأجهزة الأمنية والحس الوطني لدى الشعب.
وقد أسعد الأردنيين وجود عمة الملك الأميرة بسمة بجانب الأمير الحسن وبينهما ولي العهد والتفاف الأسرة المالكة حول عميدها.
خلاصة القول قالها الناس انهم مع النظام والشرعية والامن والاستقرار بعد حملات الاستهداف التي لا تنتهي لنظامنا وكياننا ..