يرسي الشرفاء والأحرار في العالم كله، أياما وطنية خالدة في ذاكرتهم، يحتفلون خلالها بأوطانهم العزيزة وأمجادهم الزاهرة، لتزيدهم فخارا وتعبقهم عزا. وها هم أحرار الأردن وشرفاء العرب، يحتفلون بذكرى مجيدة في التاريخ العربي، هي الذكرى السادسة والسبعين لاستقلال المملكة الاردنية الهاشمية، الذي تخلصت به العقول العربية من قيود استعمار أعاق ملامح تقدم الأمة الحضاري وكبّل مسيرة الدولة نحو النهضة،
وقد تحقق هذا الاستقلال بقيادة فرسان بني هاشم، وعزيمة الإنسان الأردني وجهاده، على التخلص من براثن الاستعمار بأشواق غزيزة نحو الحرية والكرامة والكبرياء. فكان استقلال الأردن مبكرا، فهي من أوائل الدول العربية التي تمكنت من الاعتلاء على صهوة الاستقلال وتفلتت من قيود الاستعمار، دلالة ً على أن الأردنيين من فجر تاريخهم، لا يقبلون الضيم ولا يرضون بالردى سبيلا.
وكان هذا الاستقلال البهيج نهضة ً أعادت المجد للأمة وعزتها، ومكـّن الدولة الأردنية من بناء نفسها وصياغة فلسفتها الوطنية بفكر حر وإرادة صلبة، وتخضبت في الديـار عنفوان ذلك الاستقلال، وانتشرت مفاعيله الزاهرة.
فعلـى مساحات هذه الأرض المباركة تأسست الدولة الوطنية. فأنشئت الإمارة، وازدهرت الدولة وكبرت، حتى أصبحت مملكة منيعة؛ لها في خريطة السياسة عربيا وعالميا، موقعا متميزا ومؤثرا، ومكانتها رصينة وفاعلة في فضاء المجتمع الدولـي.
إذ تحقق في عهد الملك عبد الله الأول حلم تأسيس الدولة الوطنية، وكان الاستقلال مشرقا، وإعلان الإمارة إلى مملكة صفحة باهجة في سفر التاريخ العربي الحديث. كما أرسى الملك طلال دعائم دستور حديث، يعد ضمانا لحقوق المواطنة والدولة المتقدمة، ونبراسا سارت على إضاءاته الدولة في عتمة منطقة قاتمة. أما الحسين «الباني» رحمه الله، فقد علا بعهده بنيان المملكة وازدان، وتطورت ملامحها واشتد كيانها، فصارت دولة حديثة تزخر بالمؤسسات وتحترم القانون، لها جيش منيع وأجهزة أمنية محترفة، وعلاقاتها تشتبك مع مختلف دول العالم.
وعندما آل العرش إلى الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وفق تقاليد دستورية عريقـة، في خضم صعاب؛ اقليمية ودولية، وتحديات عظيمة، ومحيط ملتهب بالفوضى، رسم جلالته منذ اللحظة الأولى أفق منهجه الملكي بالحكم، وملامح مسيرة قيادته للدولة، كرسها وفق رؤية شاملة ونظرة ثاقبة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تعمل في إطارها الجمعي العام إلى تحقيق هدف أساس يرتبط بالرقي بمستوى معيشة الإنسان الأردني، وخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية؛ بوصفها القضية المركزية التي تشغل الذهن الأردني.
لقد اتسمت هذه المملكة منذ عهد الاستقلال، بميزات استراتيجية حققت لها الاستقرار والنهوض، رغم محدودية الموارد الطبيعية والإمكانات الاقتصادية، إلا أن ألمعية العقل الأردني كان دوما هو رأس المال الحقيقي لهذا الوطن. فتمكنت القيادة الهاشمية من تحفيز كافة الجوانب الفاعلة في هذا العقل واستثماره، للرقي بالدولة الأردنية إلى مصاف الدول المتقدمة.
فهـذا هو الاستقلال المجيد، الذي قدّم للعالم كله دولة وطنية حديثة، تقود حركة نهضوية متقدمة، وتتفرد بمكانة دينية وشرعية وتاريخية، تؤمن بقيمة الحرية وترسي مفاهيم الاستقلال بمعانٍ جديدة ترتكز على ممارستها السيادة الدستورية الحقّة. فندعـو الله عز وجل أن يحفظ الأردن؛ بقيادته الحكيمة وشعبه الوفي، آمنا مزدهرا منيعا، وكل عام ووطننـا ينعم بالخيـر والبركات.
الدستور