(أزوف ستال ) - اخر قلاع التطرف الأوكراني
د.حسام العتوم
25-05-2022 01:42 PM
لمن يشكك في القدرات الروسية في تنفيذ العملية العسكرية الروسية الخاصة الإستباقية التحريرية في أوكرانيا منذ تاريخ 24 شباط 2022، أمام تكديس السلاح الأمريكي والأموال البريطانية والغربية باهضة الثمن وإلى درجة مليارية دولارية كبيرة في العاصمة الأوكرانية (كييف) تجاوزت الـ(30) مليارًا من الدولارات، أقول لهم وبحيادية وموضوعية، الرسالة وصلت، والدعاية الروسية التي تعكس الواقع، وتظهر المعاملة الحسنة لأسرى الحرب من الجيش الأوكراني، وفصائل " أزوف " و" أحفاد بنديرا "، تواجه دعاية غرب أوكرانية وغربية مليئة بالفوبيا الروسية الهادفة ليس لإضعاف روسيا الإتحادية فقط، ولكن لإبعادها عن دورها المتقدم في إنقاذ البشرية من العنصرية والنازية الجديدة، ويغفل العالم ذات الوقت قوتها في قيادة النصر السوفيتي في الحرب العالمية الثانية 1941 1945 على النازية الألمانية الهتلرية، وبرفع العلم السوفيتي فوق الرايخ الألماني – البرلمان .
ولدورها في تقدم دول العالم العظمى في التمسك في القانون الدولي، وفي الدفاع عن قضية فلسطين العادلة الواجب أن تترجم إلى دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، مع تجميد المستوطنات اليهودية غير الشرعية، وترسيخ الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، ودراسة حق العودة والتعويض، والعودة بإسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران لعام 67، لكن هيهات، فنراها تعاقب في أعقاب حادثة مدينة " بوجا" الأوكرانية المبالغ فيها ،وفي وقت قدم فيه الجيش الروسي ( 452) طنًا من المساعدات الإنسانية للمدينة وما حولها، وتصوت (93) دولة عالمية على إخراجها وبشكل مبرمج أمريكيًا من منظمة ( حقوق الإنسان )، بينما لا تتم معاقبة ( إسرائيل) عبر محكمة الجنايات الدولية من خلال عزلها دوليًا بعد تنفيذها وعن سبق إصرار وترصد إعدام الإعلامية الفلسطينية -العربية - الشهيدة البطلة شيرين أبو عاقلة . وفي زمن يعامل فيه الأسير العسكري الروسي معاملة سيئة في الطرف الأوكراني المحارب، خاصة من قبل فصائل " أزوف وبنديرا"، والأمثلة كثيرة نسوقها هنا تباعًا، وفي مقدمتها وصول أسرى روس إلى بلدهم روسيا من دون أعضاء بشرية، والمستشفيات الروسية ورسائلهم شاهدة عيان .
وثمة فرق بين تعامل الولايات المتحدة الأمريكية السلبي مع معتقلي سجني خليج " غوانتا نامو " عام 2002، و" أبو غريب " في العراق عام 2003، وبين تعامل الجيش الروسي الإيجابي مع أسرى مصنع التعدين " أزوف ستال " في مدينة " ماريوبل " شرق أوكرانيا على ضفاف بحر أزوف، ففي الحالة الأمريكية تعذيب وإغتصاب، وفي الحالة الروسية إطعام وعدم إهانة لمن قرر رفع الراية البيضاء، وهذه حقيقة وليست دعاية للطرف الروسي على حساب الطرف الأمريكي، ومن يرغب الإستزادة يستطيع متابعة الانترنت واليوتيوب، وحدث مصنع " أزوف " الذي تقرر حينها إقتحامه بأمر وزارة الدفاع الروسية ممثلة بالوزير سيرجي شايغو، وبالإشتراك بين الجيش الروسي الأحمر وبين القوات الشيشانية المحترفة أيضا في القتال بتاريخ 2 نيسان 2022، إلا أنه تقرر في موسكو، وتحديدًا في قصر الكرملين الرئاسي، وبأمر من الرئيس فلاديمير بوتين تم تأجيل إقتحام المصنع – المدينة، والمكون من عدة طوابق تحت الأرض بسبب تواجد دروع بشرية من نساء وأطفال أوكرانيا بداخله، في الوقت الذي تحصن فيه 2000 عنصر من مرتبات فصائل " أزوف " و" بنديرا " المتطرفة والعنصرية، ومع هذا وذاك تم معاملة من إستسلم منهم معاملة حسنة . وما إكتنزه مصنع " أزوف " مدهش للرأي العام، فلقد تضمن طابقًا أرضيًا من الخنازير يكفي عناصره لفترة طويلة من الزمن، وهي المدة التي راهنوا عليها، ولم يتنبؤوا بأن الجيش الروسي قرر محاصرتهم مدار الساعة، تمامًا كما صرح الرئيس بوتين بنفسه، بحيث لا تنفذ من وسطه ذبابه .
ولقد تم القبض في أنفاق مصنع " أزوف " على الجنرال الأمريكي ( إيريك أولسون )، والجنرال البريطاني ( جون بيلي )، وأربعة من عناصر حلف ( الناتو ) العسكري المعادي لروسيا، وضباط أمن خاص فرنسيين، ودافيدا كاسابيكينا الذي احترف الإساءة للجنود الروس، وهدد حياة الرئيس الشيشاني رمضان أحمد قاديروف، وتقنيات ذات علاقة بالأعمال اللوجيستية الدقيقة، ومقتنيات أزوفية تم إتلافها قبل خروج سرية ( أزوف) من هناك وغير ذلك الكثير .
وشعار الجنود الأوكران، وفصائل ( أزوف وبنديرا ) – المجد لأوكرانيا، رغم طابعه الوطني والقومي، إلا أنه حمل طابعًا متطرفًا ومعاديًا للروس، والأصل أن تم رفعه مبكرًا من أجل الحوار المباشر مع موسكو، وعبر إتفاقية ( مينسك 2015)، بهدف المحافظة على إقليم القرم، وعلى إقليمي ( الدونباس ولوغانسك )، بدلا من تجهيز إنقلاب دموي آنذاك عام 2014 وبالتعاون مع أمريكا، ألحق خسائر كبيرة بسيادة الدولة الأوكرانية التي فقدت وإلى الأبد الأقاليم الثلاثة ( القرم، والدونباس، ولوغانسك )، رغم تكديس أمريكا ومعها بريطانيا وكل الغرب للسلاح والمال وبكميات كبيرة ليس من أجل إعادة بناء أوكرانيا التي هدمتها الحرب، وإنما بهدف إطالة الصراع، ولإلحاق الضرر بروسيا، وإعتبار الحرب الروسية – الأوكرانية الجارية حربًا غربية – أمريكية وبالوكالة مع روسيا من خلال ( كييف )، وهو تصور إستراتيجي غربي خاطيء، وتمامًا كما يقول الروس أنفسهم ( سلام ضعيف خير من حرب مدمرة)، ولقد سبق لأمريكا – بايدن، وترمب أن جلست مع روسيا بوتين في ( جنيف )، و(هلسينكي) ،وتصافحوا وتبادلوا الإبتسامات والضحكات والمرح، فما الذي جرى لاحقًا وأثار الحرب الباردة وسباق التسلح من جديد إلى جانب تصعيد ( الفوبيا الروسية ) الخادشة لصورة روسيا الحضارية، والتي رغبت قبل الحرب الحالية بناء علاقات وطيدة مع أمريكا قائدة الغرب و(الناتو) بالذات ؟ دعونا نتأمل ؟!
كلنا نعرف بأن روسيا التي تقود عالم الأقطاب المتعددة وتواجه سيطرة القطب الأوحد على أركان العالم، هي من بادرت عام 2000 في بدايات عهد الرئيس بوتين لإدخال روسيا إلى حلف ( الناتو) بهدف إنهاء الحرب الباردة وسباق التسلح ، وللذهاب الى التمكن من التنمية الشاملة الخادمة للعلاقات الطيبة بين روسيا الإتحادية والغرب وللبشرية جمعاء، وعندما يرفع الروس شعار ( المجد لروسيا )، فإنهم يعنون ما يقولون، ولا توجد لديهم أهدافًا إحتلاليةً في أوكرانيا، أو في غيرها على خارطة العالم، ولديهم مساحة من الجغرافيا هي الأوسع في العالم ( أكثر من 17 مليون كلم2 )، ولقد وجّهوا عمليتهم العسكرية إلى شرق أوكرانيا لكي تكون نظيفة هادفة، لا تلحق الضرر بالمواطن الأوكراني، وهي بالمناسبة بدعوة من أوكران الشرق، ووفق معاهدة تعاون ودفاع مشتركة، وبعد الإرتكاز على المادة 517 من مواد الأمم المتحدة التي تسمح للدولة المعتدى عليها مثل روسيا العظمى أن تدافع عن نفسها وعن حلفائها مثل سكان الدونباس ولوغانسك.
ولقد حملت روسيا إلى أوكرانيا مظلمتها وقضيتها معها عندما رصدت مقتل حوالي 14 الفا من سكان شرق أوكرانيا ، ومنهم الروس وبحجم نصف مليون إنسان إلى جانب 3.5 مليون ناطق بالروسية وموالي لروسيا، وتشريد مليون منهم إلى داخل روسيا، ومكوث العديدين منهم في الملاجيء .
وفي المقابل تمكنت الإستخبارات الروسية مبكرًا وعلى لسان مديرها سيرجي ناريشكين من إكتشاف مؤامرة غرب أوكرانية، وغربية أمريكية – بريطانية على روسيا عبر الشروع بإنتاج قنبلة نووية، والتحالف مع حلف ( الناتو )، ونشر( 30 ) مركزًا بيولوجيا لبث الفايروسات الخطيرة ومنها ( كورونا ) تحت إشراف وتمويل مباشر من إبن الرئيس الأمريكي - جو بايدن – هانتر، والهدف بعيد المدى الإبقاء على الأوبئة الخطيرة تخترق المجتمع الروسي والسوفيتي السابق، ولمحاولة ضم ( القرم ) و( الدونباس ولوغانسك ) بقوة السلاح لتحقيق أهداف خادمة لأمريكا تحديدًا مثل نشر الأسطول السادس الأمريكي في مياه البحر الأسود، وبطبيعة الحال كل هواجس الغرب الأمريكي تبخرت وتحولت إلى سراب، ومعلومات تفيد بإعادة بيع السلاح الأمريكي الذي وصل ( كييف ) إلى أفريقيا، وإشعال أمريكي للفتنة وللنار الهادئة بين الصين وتايوان التي ترقد فوق الجمر بعد الزيارة الحديثة للرئيس جو -بايدن لكوريا الجنوبية واليابان مؤخرا .
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه أمام الرأي العام العالمي الآن هو، متى تنتهي الحرب الروسية – الأوكرانية التي أطلقت عليها ( موسكو ) إسم العملية الخاصة؟ وهل حققت أهدافها، ولماذا غادرها الرئيس الأمريكي ( جو -بايدن ) وتوجه إلى كوريا الشمالية واليابان ؟ وهل شكل توجهه جرس إنذار لإشهار نهاية الحرب الأوكرانية التي أدخل الغرب ذاته في وسطها، واعتبر نفسه طرفا فيها، وتخيل بأن حربه هي مباشرة وبالوكالة مع روسيا الإتحادية التي لا تعتقد ذلك في المقابل، لدرجة أعلنت فيها موسكو منع دخول ( بايدن ) إلى أراضيها وإلى الأبد غضبا من تصرفاته غير المسؤولة تجاهها .
أعتقد جازما بأن الحرب التي حققت فيها روسيا أهدافها شارفت على الإنتهاء بعد تدميرها لأكثر من 3000 موقعا أوكرانيا عسكريا معاديا، منها ما صنعه الأميركان أنفسهم، ورواية مصنع ( أزوف ) إنتهت فعلا بإستسلام كافة المتطرفين وسطه، وسيطرة روسية على شرق أوكرانيا ومنفَذها البحري ( أزوف )، وقصف صاروخي بعيد المدى لأهداف أوكرانية مطلوبة بواسطة صواريخ ( كاليبر ) الحديثة والدقيقة، ولا أطماع لروسيا في غرب أوكرانيا ولا في العاصمة ( كييف ) كما يشيع المحللون السياسيون، ومن الممكن أن تصبح العاصمة الأوكرانية في الزمن القادم البعيد هدفا لروسيا في حالة محاولتها إنتاج قنبلة نووية بالجوار الروسي، وهو الأمر الذي لا نتمناه لغرب أوكرانيا الواجب أن تعيش بسلام وإستقرار وفي إطار سيادي آمن، وآن أوان أن تعلن موسكو إنتهاء الحرب ( العملية العسكرية ) من طرفها لتمرر رسالة قوية للعاصمة الأوكرانية ( كييف )، ولـ ( واشنطن ) التي تواصل معاناتها من شظايا الألعاب النارية والأسلحة الفردية التي أودت بتاريخ 24 أيار الجاري بحياة 18 طفلا و3 أخرون غيرهم من البالغين، وهو ليس الحادث المؤسف الوحيد في أمريكا، فلقد سبقه حوادث عديدة مماثلة، وأيضا لـ ( لندن ) التي دخلت معترك إنتخابات داخلية بدأت تهز عرش رئيس الوزراء بوريس جونسون الأكثر تطرفا في التعامل مع موسكو إلى جانب الرئيس الأمريكي جو بايدن . وللحديث بقية....