facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أزمة التجانس والإندماج


نايف الليمون
24-05-2022 08:43 PM

كيف لمجتمع صغر أم كبر أن يستقر ويتقدّم، إذا فقد الحدّ الأدنى من التجانس والإندماج وبالتالي سهولة التعايش والتسامح والتعاون!

إذا كانت الأسرة الصغيرة، تفقد الهدوء والإتزان حين يشذّ أحد أفرادها عن السلوك السويّ، ويتصرّف بعيداً عن قواسم مشتركةٍ لازمةٍ تحفظ لهذا المجتمع الصغير ثوابت لا يجوز الخروج عنها كي لا يتبعثر عقدها ويتشتت شملها وتذهب ريحها. فكيف بالمجتمع الكبير الذي يترتّب على عدم وجود ثوابتٍ جامعةٍ في الثقافة والفنون والآداب العامة والمعارف والتراث والهموم والطموح الوطني ، أن يكون له هويّةٌ وعنوان وولاءٌ وطني؟

فالتنوع وتعدّد المشارب الفكرية والثقافية والإجتماعية ، واختلاف الحواضن البيئية وتفاوت مستويات الدخل والمعيشة كلّها ، لا ينبغي أن تُلغي الجوامع الوطنية في مجتمع له تاريخ فكري وحضاري وثقافي جامع ، وجغرافيته محدودة جداً من حيث المساحة ، وعدد سكانه لا يتجاوز عدد سكان بعض المدن في العالم.

فما الذي أوجد كل هذه الفوارق التي جعلت بعض الأردنيين لا يشبه بعضهم الآخر إلا بعدد خانات الرقم الوطني الذي يحملونه ، والوثائق التي تُثبّت فيها الجنسية؟

فأصبحنا نرى بعض الفئات تجد في الإحتفال بمسيرة ٍ للكلاب حدثاً مهماً ، ويتزامن مع عيد الإستقلال . ونجد من يُؤكد إعتزازه بكلبه بأن يضع على رقبته كوفية الأردنيين الحمراء التي طالما تباهى بلبسها القادة والزعماء والوجهاء وعامّة الناس.

ونجد من يحتفل بالموبقات الخارجة عن دين وأعراف وثقافة المجتمع ، فضلاً عن تناقضها مع الفطرة البشرية ومحدّدات الإنسانية.

ونجد طلاب جامعة ٍ خاصة يُطالبون إدارتها برفع الرسوم للحيلولة دون وصول طلابٍ من فئاتٍ لا يرغبون بوجودهم بينهم.

ونجد ونجد مما لا يتّسع المجال لتعداده ، وليس كل ما يُعرف يُقال.

الحواجز أصبحت عاليةً جداً بين عموم الشعب الأردني وفئةٍ لا تشبهنا بشيءٍ مما يلزم ، كي نقدّم أنفسنا للعالم بأننا شعبٌ واحد في وطن واحد ، لا يُنكر بعضهم بعضاً ، إذ لا يرتبطون بأية روابط تُقنعهم وتقنع غيرهم بأنهم من ذات الوطن وذات الجنسية.

فالمدارس التعليمية التي يتعلّم فيها أبناء ما يُطلق عليهم الطبقة المخملية مختلفةٌ جداً عن المدارس العامة والخاصة التي يتعلّم فيها أبناء معظم أبناء الشعب الأردني ، وما يتعلّمه الطلاب من معارف وثقافة وممارسات مختلفةٌ جداً ، ممّا يؤسس لعزلةٍ واختلافٍ في المفاهيم والقيم وبالتالي الفصل والإنكار المتبادل من الطرفين ، وما يتبع ذلك من مشاعر وسلوك.

أضف لذلك التمايز الهائل بين خدمات الدولة بين منطقة وأخرى ، وفئة وأخرى ، في الصحة والبنى التحتية والفوقية ، حتى نجد أن عمّان الشرقية لا تشبه عمّان الغربية بشيء ، والناس فيهما أناسيَّ لا يتشابهون . فما بالك بالقاطنين بعيداً عن عيون الرعاية والإهتمام، ولكنّهم في ذات الوقت بعيدين عن ثقافة وفنون وممارسات واهتمامات وقناعات الذين ابتعدوا كثيراً عما هو معروف ومألوف في ثقافة المجتمع الأردني وتربيته وقيمه وموروثه والتي تتعرّض لمحاولات الإلغاء والهدم والتدمير.

أين الخطاب الوطني والرؤية الوطنية والتوجيه الوطني والرقابة الوطنية التي تحافظ على نسيج إجتماعي متماسك، يحفظ اللحمة والتعاضد والإنتماء ، ويحمي الوطن من خلال جسر الهوّة بين فئات المجتمع؟

وإن ذلك لا يمكن تحقيقه إلاّ من خلال مشروع وطني صادق ، تتوزّع المهام فيه بين كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها التعليم والإعلام.

فإذا كان من لا يملك إرثاً ثقافياً وحضارياً كما نملك نحن كجزء من الأمة العربية والإسلامية يحرص على هويته وثقافته ، بدليل ما قاله المهاتمي غاندي "قد أترك نوافذ بيتي مشرعةٌ لتهبّ منها رياح الحضارة، ولكن لن أسمح لها بأن تقتلعني"، فكيف نقبل لأنفسنا أن تذرونا الرياح وتتقاذفنا الأمواج التي أخذت بعضاً منّا لتجعلهم غرباء عنّا ونحن غرباء عنهم!

فالغرب بتفاصيله الكثيرة ومتناقضاته ، تؤلف بين مكوناته سيادة القانون والعدالة الإجتماعية ووفرة فرص العمل وارتفاع مستوى الدخل والديمقراطية الحقيقية والحرية ، مما يجعل تلك المجتمعات قائمة إلى حين . ونحن أولى بالحق والحقيقة والتجانس والتمازج منهم إن أردنا ذلك كي لا تكبر أزمتنا بتزايد الفوارق وضياع الهوية التي تتعزّز بالقناعات وتترسّخ بالسلوك.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :