قراءة في خارطة طريق جديدة للسياسة في لبنان !
هشام عزيزات
24-05-2022 02:56 PM
لم نكن نجدف، او نضرب في الرمل، ونحن نتتبع مجريات الانتخابات النيابية في لبنان، ما قبل وما بعد يوم ١٥ ايار باعتباره الاستحقاق اللبناني الكبير، بعد انتخابات المغتربين ونسبة التصويت كانت بحدود ٦٠٪ الامر الذي هز التوازنات السياسية وعمرها" انتيكة"!
والرؤية ذاتها انحصرت بنتيجة واحدة، كانت محضر حوارات بينية ومن على صفحات التواصل، وحتمية غلبة قوى التغير والتجديد، وتهاوي قوى الاغلبية النيابية التي تحكمت بكل شيء ببلد الارز وطيلة ٤ سنوات مضت تعاظمت فرص نجاحها وكانت اشبه بحوت ابتلع الاخضر واليابس وجير الصالح والطالح لمصلحته، الذي كان لبنان ومصلحته في خبر كان (وال كان) قوة استكبارية ادعت انها الكل بالكل، إلى ان اطبقت ثورة ٢٠١٩ على خناقها.
وكانت مظاهرها دامغة في الشارع الذي هب على وقع الاحتياجات المعيشية والادوية وطرح ضرورة تنحي السلطة وفلاسفتها وسياسيها في الجانبين معارضة وموالاة وتحالفات تكتيكية واستراتجية.
فضغط باتجاه رحيل الحكومة، فاستقال الحريري "الابن" استجابة وايمانا بقوة الشارع، الذي ابتعد مسافة ما، عن الادلجة لكن قوى سياسية لبنانية حزبية معروفة، ادركت انها عزلت فانسجمت والتحمت بالشارع وناضلت وجرحها بالكف.
نظرة خاطفة على المخرجات الانتخابية اظهرت ان قوى ١٧ و١٨ و١٩ /٢٠١٩ التي يطلق عليها بثورة الخبز والدواء والبئية وشح الموارد المالية بسبب تحكم اصحاب المصارف بعمليات السحب، سحبت قوى الشارع حضورها الطاغي من الشارع حين اعدمت صوريا كل رموز العهود السياسية اللبنانية واكالت كل الاثام وما جرى بسببها، من انهيارات واسعة وما خمدت ثورتها بالشارع بل ترجمته، في صناديق الاقتراع بفوزها ب ١٧ مقعدا سيجعل من نوابها بيضة القبان وصانعة التوازن ومرجحة توازن واستقرار احد اهم مؤسسات النظام اللبناني مجلس النواب.
لا نتجنى على من لم ينجحوا بالتصويت، لان حواضنهم الانتخابية اسقطتهم بالصوت، بقدر ما نقول ان ما جرى يوم ١٥ ايار صنع التوازانات السياسية الجديدة ونسب التصويت في هذه الحواضن جنوبا او في الضاحية بالكاد تجاوزت ٤٠٪ والنسبة العامة للتصويت التي رفعها تصويت المغتربين بالكاد تمركزت حول ٤١٪.
لم يكن تراجع مقاعد حزب الله وحليفه امل حركة المحرومين ومغدورها "الامام موسى الصدر"، الذي غاب في الغياهب، والحلفاء الاخرين متوقعا، بل صادما وبلغة الرقم حاز الحليفان الاصليان على ٢٧ مقعدا فيما القوات اللبنانية دون حسبة دوائر تأخر فرزها لاسباب لوجستية فما زال القلم الانتخابي يعد حتى البيان الختامي لوزير الداخلية اعترف ضمنيا (بفوز لوائح المعارضة المنبثقة عن التظاهرات الاحتجاجية ضد السلطة السياسية التي شهدها لبنان قبل اكثر من عامين بـ ١٣ مقعدا في البرلمان الجديد و١٢ من اللذين فازوا هم من الوجوه الجديدة) انتهى الاقتباس من وكالة الأنباء الفرنسية
وان كنا سنقول او نؤمن بان الحجاب ارتفع، عن حزب الله وحليفه الاساس حركة امل باعتبارهما تعبيرا عن المكون الشيعي الذي له حصة سياسية مدرجة في الميثاق الوطني ١٩٤٣ واتفاقيتي الطائف والدوحة وتفاهمات الطوائف والاحزاب والتشكيلات الاجتماعية الجديدة، فان ذلك لا يمنعنا من ان نقول، ان ثمة خسارة فادحة لدمشق بسقوط مرشحين تابعين لها تاريخيا واسريا كطلال ارسلان والقومي السوري اسعد حردان في الجنوب وايلي الفرزلي في البقاع ووئام وهاب حزب التوحيد العربي الشوف، فاننا نركن لما يقوله التراث الشعبي (ضربتان بالرأس تؤلمان)!، اضافة بالتأكيد النهوض السياسي لخصم حزب الله وامل، وهو "النهوض المسيحي" الجديد كما يتداول بحصول تيار القوات وتيار القوات لوحده على عشرين مقعدا بدون حضور ما يمكن ان يكون ويكون الاغلبية المسيحية القواتية.!
لا اعتقد ان هناك جديد عند صاحب ولاية الفقيه في خطابه المنتظر ان تحقق اللهم انه سيوارب وستحمل مفرداته الترهيب والتهديد وربما الترغيب الذي يمكن اعتباره "فسدق فاضي"! فالخسارة الاعظم [لسيد المقاومة]!،.. كما هو متداول نكوصا عن مشروع ولاية الفقيه بوضوح فاقع.
فلا غرابة فلقد سبقته المارونية السياسية والجنبلاطية والكرامية نسبة لرشيد كرامي والسلامية نسبة لال سلام والصدرية نسبة "للامام" والمعوضية والفرنجية والحريرية نسبيا والقائمة تطول وتطول والامر ليس بغريب في بلد احتكم منذ ان أنشأته سان ريمو والخروج الاستعماري من العالم ليحتكم بعد ذلك للصراع الديموقراطي ومتضادة الثابت والمتحول وصاحبها المتفلسف والشاعر العربي السوري ادونيس" علي احمد سعيد بالثابت والمتحول في العربية.
لبنان بالنسبة لاطلاعي عن قرب وعن بعد سيبقى نطاق ضمان للصراع الفكري الحر وكابوس ككوابيس غادة السمان الرواية ١٩٧٦ التي ترجمت بالكلمة والصورة والسرد والرصد مناخات بيروت ابان ازمة الحرب الاهلية الثانية، اوضاع المثقفين والسياسيين والتيه الذي ضرب مدينة الشرائع وكأن الحال من بعضه في زمن انتخابات ٢٠٢٢ الاشتراعية.
فنستبدل بتصرف محكم البارود والرووس الحامية بدمغة الاصبع بالنيلي والدعاية الانتخابية المترفة ٢٠٠ مليون دولار كلفة الدعاية ثم يداهمك الصمت الانتخابي والتصويت المركزي فانتظار المجهول "الفرز" الذي حضر واضحا بشكل صادم وبشكل مفاجئ ومهول.
الاستخلاص الاخير، ان مجلس النواب اللبناني، لا ينفع معه الا "القلب" بمعنى اعادة صياغة النائب شكلا الذي تقادم عليه الزمن وانحط وظل الملح، ان ينقلب بالمضمون إلى نائب مشرع ومكافح الفساد على مستوي الدولة، التي دخلت اليباب، والعمل بجدية لا بعرط لصالح المواطن، الذي لم يهاب ولا يرتجف فكانت خياراته الانتخابية مناسبة وفي محلها، وبدلا من ان يطفح الكريهة والكراهية طفح الذكاء مترجما بذكاء في صندوق الانتخاب خيارات قد تبرهن الايام والادوار انها ذكية وكانت العين عليها.!