منذ القرن السابع عشر اعتبرت تايوان الجزيرة الاستراتيجية لاحد اهم مراكز التجارة الصينية وذلك بعد هجرة القبائل الصينية اليها وتوطين المهن الحرفية ومراكز النقل البحرية في محيطها، تايوان التي احتلتها اليابان في اواخر القرن التاسع عشر وخرجت منها مع نهاية الحرب العالمية الثانية لتعود مره اخرى للصين لكن عبر اجواء مشحونة وقع اصطدام داخلي استمر ثلاث سنوات كانت بين تيارين احدهما بقيادة ماو سي تونج الشيوعي والتيار القومي القريب من امريكا بقيادة انجان اي شيك لتنتهي هذه الحرب عام 1949 بخروج التيار القومي الى تايوان يعلن حكومة مركزية من تايوان تسمى دولة الصين الوطنية فيما قام ماو والحزب الشيوعي باعلان دولة الصين الشعبية.
لكن الامم المتحدة جعلت من الصين الوطنية او الصين تايبيه صاحبة المقعد الدائم في الامم المتحدة حتى مطلع السبعينات عندما تم تغيير نظام الضوابط والموازين بدخول العالم في الحرب الباردة فتم تعميد الصين الشعبية في الامم المتحده بالمقعد الدائم في مجلس الامن وقامت الولايات المتحدة بالاعتراف بالصين الواحدة واعتبرت تايوان ولاية صينية باحكام خاصة تابعة للصين.
لكن الولايات المتحدة اعلنت موقفها الثابت والتزامها الراسخ بحماية تايوان والتزامها بالدفاع عنها ورفدها بالدعم والتسليح وهو ما اعتبرته الصين تسليح ضد حكومتها وانتهاك لسيادتها وبقى الحال على ماكان عليه بين شد وضغط الى نهاية الحرب الباردة مع بداية تسعينات القرن الماضي الذي حدد مناخات جديدة من التعايش مع حالة سياسية موحدة وواقع الحال منفصل بالجغرافيا والنهج وحتى المسلكيات وطبيعة السلوك .
ومع تزايد قوة بكين الصينية ازداد معها نمو التيار المناصر لضم تايوان بالقوة الجبرية بينما توسعت الدائرة القومية في تايبيه وعلا صوت المطالبة بالاستقلال الامر الذي اعاد المشهد من جديد ليرسم حالة تضاد بين (الجزيرة والبر الصيني) وهو ما اوجد مناخات من الضدية بدأت تتحدث فيها تايبيه عن ضرورة الانفصال فيما تسعى بكين لضم تايوان بالقوة بعد ما فشل برنامج العمل الصيني بتذويب المجتمع التايواني في داخل بر الصين عبر استثمار الصين في تايوان ما يقارب من 60 مليار دولار.
هذا لان الناتج القومي الاجمالي الكبير لتايوان الذي يقدر 600 مليار دولار احتوى هذه الاستثمارات بطريقة سلسة واصبح الاقتصاد التايواني الذي يقوم على الصناعة المعرفية احد اعتى اقتصاديات العالم وهو قائم في دولة لا تزيد مساحتها عن 36 الف كم وعدد سكان لايزيد عن 25 مليون.
وهذا ما يجعل من تايبيه قوة اقتصادية صاعدة ومكان مهم يمكن البناء عليه واعتماده مركزا ثالثا في الثالوث الاسيوي (اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان ) الذي تنظر لتعميده كبديل للصين في اقليم الشرق الاقصى وهي الزيارة التى بينتها حركة الرئيس الامريكي جوبايدن في شرق اسيا.
هذه الزيارة التي تأتي على وقع تهديدات صينية بضم الجزيرة التايوانية مع ارتفاع وتيرة مناخات الضدية التي تقوم بها الصين
من اجل تغيير نظام الضوابط والموازين في الشرق الاقصى بعد ان قامت الولايات المتحدة بسحب استثماراتها من الصين ووضع اثقال على سوق التجارة والصناعة والاسواق الصينية نتيجة سياسات الصين الجيواقتصادية التي باتت تعمل على تضاد مع المصالح الامريكية لاصرار الصين على تغير المعادلة القائمة بين من يمتلك المعرفة (امريكا) ومن يعمل بالانتاج (الصين ) وهذا ما اظهره موضوع الجيل الخامس وتكنولوجيا الصوايخ الاوربيتيه ومجالات الذكاء الاصطناعي.
زيارة الرئيس جوبايدن للشرق الاقصى وضعت خط احمر للصين فحال اقدمت على غزو تايوان فهل ستدافع الولايات المتحدة عن الصين بجيشها ام انها ستكتفي بالدعم العسكري واللوجستي في حال بدأت الصين بغزو تايوان وهو السؤال الذي سيبقى برسم اجابة المستقبل المنظور ؟!.
فان اغلاق المشهد في اوكرانيا بعد وقوف بوتن عند حد دونباس وخروجه من سوريا وربما سيفتح مشهد جديد عبر تايوان وهو ما يتم الحديث عنه في الاروقة السياسية وكذلك فان قرار الصين بغزو اوكرانيا يبدو انه قرار متخذ من قبل القيادة العسكرية الصينية ولم يبقَ سوى القرار السياسي من البيت السيادي الصيني لتحديد موعد الاجتياح بعد ما تم الإستعداد بالمناورات الاخيرة للصين وهذا ما يجعل من تايوان ضمن هذه المعطيات تكون بعين العاصفة.