لسنا سواسية البتة، والشعارات الكبيرة ورم يخفي تحته مفعول الكيمياء العجيب في تنضيد الفساد الإداري وتغليفه بورق (الشوكولا) لتقديمه هدايا لكبار الزوار لحظة إنزال الكتل الفيزيائية المتطفلة بالمظلات وتسكينهم في تكايا ذات ظروف مناخية باردة صيفا ومعتدلة الحرارة شتاء.
الظروف المناخية الجديدة التي يصنعها بعض المسؤولين الإداريين الذين يفكرون خارج الصندوق لا تحتاج إلى مساواة، ففكرة المساواة فكرة بائسة، ولا تحقق العدل بالضرورة، الظروف المناخية الإدارية الصحية لا تحتاج إلى موظفين تقليديين بيروقراطيين متكلسي المفاصل متيبسي الأطراف يركبون سيارات قديمة، ويتكلمون لغة عربية فيها شيء من الفصاحة، ويفطرون على (ساندويتش) الفلافل، ويشربون الشاي الحلو ويتشدقون بالتراث ويجدون في البحث عن الخيط الرابط بين الأصيل والمعاصر، ولا يقبلون الدعوات الخاصة من الشركاء غير الاستراتيجيين، ويتشبثون بالنصوص البالية، ويدققون كثيرا في الاتفاقيات الخاوية، ويتشدقون بالنزاهة، ويسكنون في البوادي والأرياف...إنهم موضة قديمة في عصر الدايت ولغة (العربيزي) والمرونة في المزج بين القانون وروحه التي تزهق كل يوم بالباطل وبثمن بخس، وتحيل العمل العام إلى جملة من المقاولات الكبرى التي لم تعد حكرا فقط على قطاع الإنشاءات.
كما أن التفكير خارج الصندوق لا يحتاج إلا إلى موظفين مبتكرين، وهم لا يحتاجون إلى مكاتب، إذ من الممكن أن ينشطوا تحت البيوت البلاستيكية كالفطر مع قليل العتمة والرطوبة بعيدا عن المقار التقليدية للمؤسسات والوزارات المعنية.
لقد نادى جلالة الملك المفدى عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه بكسر ظهر الفساد ، فاجتهد أنصار المرونة الإدارية غير التقليديين الذين يفكرون بعقول منفتحة ساعدها على ذلك بعض المفردات المعلبة وشيء من الصلع الذي يحرر بعض الصلعان من كثير من القيود الأخلاقية بأن عدلوا الشعار من محاربة الفساد_ واعني هنا الفساد الإداري_وقصم ظهره إلى العدالة في تقاسم الفساد، وتوزيع مكتسباته على مستحقيه من الأصدقاء، والمحاسيب، وصاحبات الابتسامات الهليودية الناعمة، ومن يقدرون على رد التحية بأفضل منها في زوايا متناظرة ومتساوية هنا وهناك في ساحات الكسب غير المشروع.
لن نمل الصراخ وسيرجع الصدى بأن هذا البلد سيظل حمى هاشميا أردنيا أبيا عزيزا منيعا في وجه الفاسدين والمفسدين.