أحادية التفكير في قطاع الطاقة
د. م. محمد الدباس
22-05-2022 06:36 PM
مع أن هناك تقدم ملموس في بعض اجراءات الوزارة يشكر عليها وزير الطاقة الحالي، إلا انه ما يزال هناك بعض من التباطؤ والتخبط لما يجري اليوم في بعض نواحي القطاع، وتحديدا -على سبيل المثال لا الحصر- لما يتعلق بطريقة فرض الرسوم على استخدام مصادر الطاقة المتجددة؛ وطريقة التسجيل للحصول على دعم الكهرباء، فلا شك بأن أصحاب القرار في وزارة الطاقة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن وشركة الكهرباء الوطنية وشركات توليد وتوزيع الكهرباء يُدركون تماما ما يريدون! لكن طريقتهم في الحصول على أكبر عائد مالي ليخفف من وطأة الإلتزامات المالية المجحفة بالقطاع، والتي كان سببها التوقيع المجحف السابق لإتفاقيات مشاريع الطاقة المتجددة، كل ذلك قد أرهقهم بالتفكير لإيجاد مخرج آني ليخفف من أعباء كلف هذه الاتفاقيات على الاقتصاد الوطني، علما بأن المتضرر من هذه الإجراءات هما: المستهلك النهائي من جهة، والإقتصاد الوطني "بنظرة شمولية" من جهة أخرى.
لقد كنت قد أشرت في وقت سابق بأن فرض تعريفة واحدة فقط أي (5 فلسات) على مشاريع الطاقة المتجددة، ستدر دخلا للخزينة العامة يعادل (300) مليون دينار لمدة ما تبقى من فترات التعاقد للمرحلتين الأولى والثانية لمشاريع الطاقة المتجددة، أي بمعدل (20) مليون دينار سنويا، وهو يساوي (أضعاف) ما تم فرضه بالمرحلة الحالية من رسوم جديدة على مشاريع الطاقة المتجددة، والتي سُميت برسم استخدام الشبكة الوطنية للكهرباء، وهي في مضمونها لا تعدو إلا أن تكون "ضريبة لإستخدام الشمس"، وأرى بأنها قد كانت وما زالت خطوة غير موفقة، فما تم تخفيضه من تعرفة كهربائية للقطاع الصناعي والسياحي، قد تم تعويضه وللأسف من خلال فرض ضريبة الشمس هذه، وتحديدا على مطوري مشاريع الطاقة الشمسية، وليتم ضمان المحافظة على نسبة التدفق المالي السنوي المخطط له في الموازنة العامة للدولة.
لقد كان الأجدر الإصرار على "مراجعة شاملة" لاتفاقيات مشاريع الطاقة المتجددة، ولتتم مراجعة تلك الإتفاقيات بما حملته من "غبن فاحش" للوطن، ويلزم ذلك الجرأة الكافية من قبل أصحاب القرار، ولمقاومة قوى الشد العكسي الرافضة لهذا التوجه لأنهم هم أصحاب المصلحة، وللإصرار على إتخاذ تلك الخطوة من باب الدفاع عن "الغبن الفاحش" الذي لحق بالوطن، بعيدا عن التردد والتلكؤ.
لننظر الى الشقيقة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ولنرى -الآن- أين نحن منهم... بعد أن كنا السباقون في هذا المضمار، وبعد أن كنا مثالا يحتذى؛ من حيث الإستباقية في التشريع ووضع السياسات والتنفيذ بالخصوص، ولا أدري كيف يدار هذا القطاع وتحديدا منذ زمن سابق!! فلا تشريعات تنظم طريقة تخزين الفائض من الطاقة الشمسية المولدة، ولا ترويج واستثمارٍ كافٍ لإستخدام العدادات الذكية والتي كان من المؤمل أن تصل نسبتها الى 100% خلال العام الحالي، وللعلم نسبة استبدالها لحد الآن لم تصل إلى نسبة ال 10% من عدد العدادات الذكية المستبدلة. كذلك لا تسليط حقيقي للضوء ضمن استراتيجيتنا الحالية على استخدام "وقود الهيدروجين" كمصدر للطاقة؛ في حين أن طاقة الهيدروجين هي مدار حديث الساعة "العالمي" في الوقت الحالي.
وخلاصة القول؛ فإن قطاع الطاقة وبما احتواه من مؤسسات تابعة له بحاجة إلى (نفض شمولي وهيكلة جديدة)، تأخذ بعين الإعتبار التطورات العالمية الحالية لقطاعات الطاقة، وللأخذ بعين الإعتبار لما أشرت له في أعلاه، وإحلال الهيدروجين ليكون مصدر وقود بديل منافس ورخيص، حتى لا نسير خلف الركب بعد أن كنا القدوة والمنارة لهم.
* عضو لجنة الخبراء الدوليين في هيئة الأمم المتحدة لأوروبا (UNECE) في جنيف.