تقدير مُستَحق .. ويُستَحقُ المزيد!
د. أحمد يعقوب المجدوبة
22-05-2022 08:36 AM
سُرِرنا كثيراً لحصول جلالة الملك وجلالة الملكة على جائزة «الطريق إلى السلام».
والحقيقة أن هذه الجائزة على قدر كبير من الأهمية، وأن الأردن، ممثلاً بقيادته الحالية وقياداته السابقة من ملوك الهاشميين كلّهم، جدير بتسلم جائزة السلم هذه وغيرها.
فهي جائزة مُستحقة.
وعندما نقول ذلك فنحن نعي ونعني ما نقول.
أولاً، الدولة الأردنية، التي رسم رؤاها وتوجهاتها وسياساتها الهاشميون بدءاً من الثورة العربية الكبرى وما تلاها من تطورات وأحداث وإنجازات، تقوم على احترام حق الناس، كل الناس، في الحياة والحرّية والعيش بأمان.
دستورها يُقدّر الجميع، ومؤسساتها تدعم الكلّ.
منذ نشأتها ولغاية الآن، وهي تفتح أبوابها على مصاريعها لكلّ من التجأ إليها هرباً من عنف أو بحثاً عن مأوى.
فهي مأوى من لا مأوى له، وملاذ من لم يستطع إيجاد ملاذ خارجها.
والأردنيون يُرحّبون بكل من قصَدَهم، يقتسمون معه لقمة العيش ويشاركونه مواردهم، على تواضعها وشُحّها.
دولتنا دولة حضارية تُعلي من شأن حقوق الإنسان، لا تبطش بأحد، ولا تمارس العنف بأي شكل. وهذا أمر يشهد لها به القاصي قبل الداني.
وهي دولة تحترم الجوار، لا تعتدي على أحد، ولا تتدخل بشؤون الآخرين، إلا من باب إصلاح ذات البين وحلّ الخلافات بالتفاهم والحوار والأفكار البناءة.
هي أيقونة للوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش؛ كما تُدلّل على ذلك مواثيقها ورسائلها وأفعالها.
وهي دولة تصون الاتفاقيات والتفاهمات التي تبرمها، ولا تتنصل من أي واجب أو عهد تقطعه على نفسها.
جيشها المُحترف، لم يتحرك يوماً إلا لنصرة الأمة والدفاع عن حقوقها ضد العدوان عليها بهدف إحقاق الحق وإرساء السّلم.
جنودها لا يغادرون حدودها إلا تلبية لدعوات السّلم والإغاثة الإنسانية؛ ومشاركتهم الفاعلة ضمن قوات حفظ السلام الدولية لأكبر شاهد على ذلك.
أما اسم الجائزة، «الطريق إلى السلام»، فله مدلولاته الكبيرة.
فأول من عمل لأجل السلام في منطقتنا، كان الملك عبدالله الأول، الذي تنبّه له قبل غيره وأفنى حياته في العمل من أجله، ودفع حياته الغالية ثمناً لإرساء قواعده، لأن الضامن الأكبر للسلم ليس الحرب وليس العنف وليس الأسلحة النووية، كما يظن البعض خطأ، بل التفاهم والاحترام المتبادل وحفظ حقوق الناس.
وسار على خطاه، على «طريق السلام» الملك الحسين الذي جعله الأولوية الأولى والهاجس الأكبر، وتوفاه المولى وهو، لآخر يوم، يعمل ويحلم من أجل إنهاء الاحتلال والعدوان بكافة أشكاله وتحقيق السلام العادل والشامل والدائم.
والملك عبدالله الثاني يسير على النهج ذاته بثقة وقوة وشجاعة وإصرار، مُعلياً من شأن الحوار والعقلانية والتفاهم، ورافضاً كل أشكال العنف والغطرسة، من أجل إحقاق الحق وإرساء قواعد العدل.
وبعد،
وحيث أن «طريق السلام» في منطقتنا بدأت بجهود ملوك الأردن لأكثر من قرن من الزمن، بمباركةٍ ومساندةٍ من شعبهم الوفي، فإن المطلوب الآن من جميع الدول التي تؤمن بحقوق الإنسان والعدالة واللاعنف والسّلم أن تُظهر مزيداً من الاعتراف بالدور الأردني الإنساني الحكيم ومزيداً من الدعم لرؤاه ومواقفه والتي نَدُر مثيلها.
"الرأي"