في مقال سابق هنا في "عمون" طرحت تساؤلا هو عنوان ذلك المقال "هل المنطقة في خطر"، وشرحت وجهة نظري المتواضعة التي خلصت فيها إلى أن المنطقة معرضة إلى خطر كبير إن لم تجد من يتداركون الأمر، وقبل ذلك إن كانت إرادة "الله" سبحانه وتعالى بخلاف ذلك.
اليوم، وحيث نكتب ومنذ عقود بما نعتقد أنه يرضي الله أولا، وبما يمليه علينا الواجب الديني والوطني والقومي والإنساني وحتى الأخلاقي ثانيا، من دون أن نركب موجة النفاق أو التحريض والخداع بحثا عن مبتغى خاص.. نرى أن المنطقة ونحن جزء رئيس منها جغرافيا وسياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا، والأهم تاريخيا، باتت على أبواب خطر كبير لا أحد يمكنه التنبؤ بمآلاته ومخرجاته وتقاطعاته.
نترك التحليل لمدعي "جهبذة" التحليل، ونذهب وبإختصار وتواضع إلى قراءة الواقع الإقليمي والعربي والدولي "المرعب" حيث:
أولا: الكيان الإسرائيلي غربا في حالة ذعر أنتجته المقاومة الفلسطينية المتصاعدة داخل وخارج الخط الأخضر، والتحذيرات الجادة من حركة حماس وسائر فصائل المقاومة الفلسطينية، ومن حزب الله اللبناني ذراع إيران في المنطقة، ومن الموقف الروسي المستجد في سورية بكل تفاصيله، وحكومته القائمة آيلة للسقوط، مضافا إلى ذلك مشروع إيران النووي الذي أوشك على إنتاج السلاح النووي، هذا إن لم يكن قد أنتجه فعلا.
ثانيا: والكيان المجتمعي الإسرائيلي، يتفسخ حاليا، وكبار المسؤولين العسكريين والأمنيين هناك، يستشعرون ذلك ويصرحون به علنا تارة وفي الخفاء تارة أخرى.
وللخروج من هذا الوضع الصعب الذي يتهدد الكيان وبقوة، فلا نستبعد أبدا مغامرة عسكرية من جانبه مدعومة أميركيا، ضد المشروع النووي الإيراني من جهة، وضد حماس وحزب الله معا، من جهة ثانية.
ثالثا: روسيا تورطت في أوكرانيا، والهزيمة بالنسبة لها مرفوضة تماما، والغرب يضغط بقوة أملا في تفجر الوضع الداخلي في روسيا ضد "بوتين" وسياساته، وسنرى ووشيكا قبولا مبدئيا للسويد وفنلندا في "النيتو" من قبيل زيادة الضغط على روسيا وعلى بوتين بالذات.
هذا ينذر بتفجر حرب عالمية بين المعسكرين الشرقي والغربي ستنعكس آثارها الكارثية على منطقتنا العربية في الشرق العربي، سياسيا وإقتصاديا ومعيشيا وربما عسكريا، وقد يقف العالم كله وبالذات ضعاف دوله، أمام مجاعة حقيقية تفجر الأوضاع في تلك الدول.
رابعا: روسيا اليوم تعامل دولنا العربية فرادى وبالقطعة، فمن كان معي أو محايدا على الأقل، فلن أكون سببا في تأذيه، ومن يجافيني، سأصنع له المشكلات في عقر داره، وهي لذلك بدلت إستراتيجيتها في سورية، ولم تعد الحركات الإرهابية معادية في حساباتها، لا بل هي تفتح لها المجال لتعمل وبما يخدم الموقف الروسي من جهة، وبما يهدد الكيان الإسرائيلي وغيره، وهي تدرك مدى تعاطف الشعوب العربية مع كل عمل يهدد الإحتلال الصهيوني لفلسطين والمقدسات والجولان وما تبقى من أرض لبنانية تحت الإحتلال، وهي لذلك تعزف على هذا الوتر بقوة وذكاء، لإصطياد عصافير كثيرة بحجر واحد، منها إزعاج أميركا والغرب عموما، وتهديد الكيان الصهيوني وغيره، وإستقطاب مشاعر العرب المخاصمة للغرب اصلا بسبب دعمه التاريخي الظالم للكيان وإحتلاله الغاشم ومخططه الشرير في المنطقة العربية عموما، والأهم خلق واقع جديد يصرف الأنظار عن حربها في أوكرانيا، وإشغال أميركا والغرب عموما بهذا الواقع.
خامسا: نحن في الأردن اليوم وخلافا لما نتمنى، وسط النار لا على حوافها كما كنا من قبل. وهنا أعود إلى التنبيه والتحذير ثانية، من خطورة الموقف عند حدودنا الشمالية والشرقية، فمن يستخدمون "الدرون" لتهريب المخدرات، يستخدمونها للسلاح والعتاد أيضا، وهنا نسأل لمن ستصل هذه الأسلحة هنا في الداخل!، وما الهدف الأبعد، هل كما قال أحمد جبريل سابقا ومن طهران في يوم القدس، بأنه سيجتاح فلسطين عبر الأردن شاء الأردن أو أبى!.
لن أطيل أكثر، فهذا الصيف مليء بالمفاجآت والمخاطر ومنها ما قد يكون مصيريا!!. وعليه:
سادسا: نحن في المملكة الأردنية الهاشمية التي سنحتفل بإستقلالها وشيكا، أمام تحد كبير جدا لم نشهده في تاريخنا، والنار تقترب كثيرا من تلابيب ثيابنا، ولهذا فإن علينا واجبا وطنيا وقوميا إتجاه بلدنا وفلسطين والقدس، لنجلس ونتكاشف ونتصارح ونبحث في سبل تعبئة شعبنا كله في مواجهة الخطر الداهم وبكل ما أوتينا من سبل ووسائل وسياسات جديدة تسمح بإشراك شعبنا جميعا في إدارة شؤون دولته، وتحمل المسؤولية بالتالي عن كل مستجد.
الأردن اليوم "مخلى قوم "، نقولها ولا نجامل، فليس لنا ومعنا سوى "الله" جل في علاه، وعيون الذئاب تطل من جهات شتى أخطرها الكيان الصهيوني الرافض لشيء إسمه سلام والعيش في المنطقة بسلام، وأنا لا أثق بهم ولا بما يقولون وما يعدون، فهم لا عهد لهم على الإطلاق حتى في الرخاء، فما بالنا بهم وهم اليوم يعانون مسؤولين ومدنيين حالة ذعر ورعب شديدين!!.
نسأل الله السلامة لبلدنا ولعالمنا العربي كله، ولكن إسعى يا عبدي وأنا أسعى معك، فالغموض قاتل يرهق الناس ويذهب بهم كل مذهب، ولا بد من وضوح ومصارحة تستنهض همم الأردنيين وما أعلاها دفاعا عن بلدهم، عندما يكونون داخل إطار المشهد لا خارجه مطمئنين على مستقبل وطنهم.
الله من أمام قصدي..