حتى نقنع المواطن بالاحزاب
د. هايل ودعان الدعجة
21-05-2022 11:08 AM
مع اقرار قانوني الاحزاب والانتخاب وما سيرافقهما من اجراءات حزبية سيتمخض عنها تشكيل احزاب جديدة وتصويب اوضاع اخرى مشكلة، ايذانا بدخول مرحلة سياسية جديدة، واستعدادا لخوض الانتخابات النيابية القادمة، فان المشهد السياسي الاردني ومن البوابة الحزبية تحديدا سيكون على المحك. الامر الذي يتطلب التعامل مع المرحلة بأعلى درجات المسؤولية واخذ الوقت الكافي لاعادة انتاج الحياة الحزبية وانضاجها، بما يتوافق ومتطلبات هذه المرحلة وتحدياتها، وذلك اذا ما اردنا استعادة ثقة المواطن بالمشروع الاصلاحي وبالمشهد السياسي بشكل عام، بعد السلبيات والاخفاقات التي غلفت هذا المشهد ونالت من اهتماماته وتوجهاته السياسية والحزبية حتى فقد ثقته بكل شيء.
لقد كان يفترض التعاطي مع مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بشيء من الحكمة والحذر والتروي ( والاخراج ) الجيد ، بحيث نقنع المواطن بان الامور تغيرت او انها في طريقها للتغيير ، لا ان يجد نفسه بانه على موعد للتعامل مع وجوه واشخاص ملها الشارع الاردني وبات لا يستسيغها ولا يطيق سماع بعض اسمائها .. وربما هذا هو الشيء الذي وجد نفسه امامه بمجرد ان وصلت مخرجات اللجنة الملكية محطتها الاخيرة وحتى قبل اقرار قانون الاحزاب الجديد ، لتستخوذ على احاديث الناس وتجعل البعض منهم يعود بالمشهد الى المربع الاول . وهي الرسالة التي يتوقع ان يكون قد التقطها القائمون على مشروع الاصلاح ، عندما اضطروا للعودة الى الوراء قليلا ولو بمقدار خطوات بسيطة ، تحضيرا لانطلاقة اخرى ربما بعد ان شعروا بان الاخراج كان سيئا ، وان هناك من القائمين على بعض الاحزاب من يحاول استغلال الامور لتحقيق مكتسبات خاصة او الترويج لنفسه على انه من شخوص المرحلة وان حزبه محسوب على جهات وشخصيات رسمية بعينها هي من تقف خلف فكرة تأسيسه . ولربما تكون طريقة اشهار بعض الاحزاب ووجود توجه لدى اخرى لاشهار نفسها ، حتى قبل ان تنهي اللجنة الملكية الامتار الاخيرة من مهمتها ، قد ساعد على خلق حالة عامة ضبابية اساسها الشك وعدم الارتياح للمشهد الحزبي الذي قد ينظر له بانه قد يكون سببا باعادة نفس الوجوه الى الواجهة السياسية باسم الاصلاح الذي يقتضي تغييرها . او هكذا فهم او فسر البعض الامور .
ولكن مع الوقت بدأنا نلمس ما يشبه التباطؤ في حركة هذه الاندفاعة الحزبية المتسرعة والمستعجلة والتراجع او التوقف عن السير بنفس الوتيرة التي حاولت ان تستهل بعض الاحزاب بها انطلاقتها . اضافة الى اننا بدأنا نشهد انسحابات او حالات اقصاء لبعض الاعضاء نتيجة لظهور اختلافات وعدم توافق على المبادئ ، قد يترتب عليها احداث تغيرات او اعادة حسابات وترتيبات داخل الحزب الواحد ، بما يمكن وصفه بالظاهرة الصحية التي يمكن ان تمنح البعض الفرصة بان يعيد حساباته قبل الانضمام لهذا الحزب او ذاك او حتى للقائمين على بعض الاحزاب بان يعيدوا ترتيباتهم قبل مرحلة الاشهار ، بما يضمن التوافق والانسجام في الرؤى والافكار والطروحات بين الاعضاء .
ان مثل هذه الاجواء الجديدة قد تشجع الشارع الاردني على اعادة تقييمه وحكمه على هذه المحطة الحزبية الهامة التي نعول عليها كثيرا في المضي في مشروعنا الاصلاحي السياسي من خلال شعوره بان عملية تأسيس الاحزاب الجديدة وتصويب اوضاع اخرى تسير وفق اليات ديمقراطية اساسها الحوار والنقاش للوصول الى رؤى وقواسم فكرية مشتركة بين الاعضاء تضمن وجود حالة من الانسجام بينهم وذلك قبل مرحلة الاشهار او الاعلام . ليكمن التحدي الاكبر والاختبار الحقيقي مع الظهور المفاجىء والخاطف لبعض الاحزاب ، في كيفية ادارة الانتخابات النيابية القادمة بنزاهة وحيادية بعيدا عن العبث بالارادة الشعبية ومحاباة شخص على شخص او حزب على حزب ، وبما يضمن استعادة ثقة المواطن بالانتخابات والاحزاب وبمؤسسات الدولة وبكل ما له علاقة بالاصلاح .