أنتم الذين تتباكون وتخشون من التغيّرات المناخية والإحتباس الحراري وتدقون ناقوس الخطر وتسرعون لعقد مؤتمراتكم العالمية الخاصة بالمناخ لضمان الحفاظ على إرتفاع درجة حرارة الأرض خلال القرن الجاري دون الدرجتين وتنفقون مئات المليارات من الدولارات لهذه الغاية,إنكم لا تعلمون أن الحروب التي تفتعلونها وآخرها الحرب الروسية-الأوكرانية هي الكارثة الكبرى لنتائجها المباشرة عل مناخ الأرض.
إن الإحتباس الحراري سببه الغازات الدفيئة ويشار إليها أحياناً برمز GHG إختصاراً, وأهمها ثاني أُكسيد الكربون, فتركيزه الثابت يحافظ على درجة حرارة سطح الأرض المعتدل فلولاه لكانت حرارة سطح الأرض (-18) درجة مئوية, لكن المشكلة تكمن بزيادة هذا التركيز وهذا ما حصل فعلاً حيث إزداد بنسب كبيرة وأصبح تركيزه قبل جائحة كورونا 415 جزء في المليون وهو الأعلى منذ 14 مليون عام, فهذه الزيادة ستنعكس على سطح الأرض مما يرفع درجات الحرارة عن المعدل العام ويؤدي إلى إحترار الكوكب الذي نعيش عليه,إن ثاني أُكسيد الكربون مسؤول عن حوالي 70% من زيادة الطاقة الحرارية على الأرض منذ الثورة الصناعية (زيادة مقدارها 1.82 من أصل 2.63 واط لكل متر مربع).
بشرح مبسط عند إختراق ضوء الشمس للغلاف الجوي بأشعته الفوق بنفسجية وضوئه المرئي, فإن بعض هذه الأشعة يرتد إلى الفضاء الخارجي على صورة أشعة تحت حمراء أو حرارة ,وبما أن الغلاف الجوي يتكون من 78% نيتروجين و21% أُكسجين ونتيجة لخصائص هذان الغازان الكيميائية فإنهما لا يمتصان الكثير من الحرارة بعكس الغازات الدفيئة بما فيها ثاني أُكسيد الكربون والميثان وأُكسيد النتروز التي لديها القدرة على إمتصاص الأشعة الحرارية وإجبارها على العودة على الأرض مرة أخرى مما يؤدي إلى الإرتفاع في درجة الحرارة كلما زاد تركيزها في الغلاف الجوي وهذا مالا نريده أن يحدث.
فإذا زادت درجة حرارة سطح الأرض نتيجة الغازات الدفيئة عن درجتين مئويتين وهو ما سيحصل مبكراً خلال العشرين سنة القادمة إذا لم نوقف الحروب ونتخذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة ألا وهي ظاهرة الإحتباس الحراري فإن كوكبنا سيتأثر سلباً ,وسيؤدي إلى نتائج مؤثرة على كل من :
1) التأثير على الإنسان:
- ستتأثر صحة الإنسان البدنية والعقلية من خلال الطعام الذي يتناوله والماء الذي يشربه والهواء الي يتنفسه فتزداد إحتمالية التعرض لضربات الشمس والمشاكل الصحية لمن يعانون من أمراض تتأثر بشكل سلبي بالطقس وأمراض القلب والجهاز التنفسي فتزداد نسب الوفيات.
- سيقل نشاط الإنسان وإنتاجيته وسيؤثر على دخله وستزيد الأعباء الإقتصادية والإجتماعية على الدول وخصوصاً دول العالم الثالث, وسيخسر الناتج الإقتصادي العالمي 5%سنوياً وبالنسبة للفرضيات الأكثر تشاؤماً يمكن أن ترتفع الخسارة إلى 20% أو أكثر.
- ستتفاقم مشكلة اللاجئين من هذه الظاهرة بحثاً عن أماكن سكن معتدلة الظروف الجوية وستتأثر طبيعة التوزيع الجغرافي للسكان في الدول .
- ستنتشر المجاعات بأعداد كبيرة في العالم وستصل إلى نسبة 25% من السكان .
2) التأثير على سطح الأرض ومناخه:
- سيرتفع منسوب البحار قرابة المتر نتيجة ذوبان الجليد البحري في القطب الشمالي مما يؤدي إلى غرق أقاليم وسواحل ومدن ساحلية.
- تقلبات الطقس الحادة وزيادة في العواصف الرملية.
- زيادة الحموضة في مياه البحار والمحيطات نتيجة زيادة مستويات غاز ثاني أُكسيد الكربون إضافة إلى الإرتفاع بدرجات حرارة هذه المياه.
- جفاف البحيرات المغلقة ونقصان مياه السدود نتيجة التبخر لزيادة درجة الحرارة.
3) التأثير على النباتات:
- قلة إنتاجية المحاصيل الزراعية بسبب الجفاف والإرتفاع بدرجات الحرارة وكثرة الحشرات والآفات الزراعية.
- قلة مساحات الأشجار الحرجية والغطاء النباتي نتيجة الحرائق والجفاف .
4) التأثير على الثروة الحيوانية:
- تناقص أعداد الحيوانات نتيجة الظروف الجوية وتأثرها بها, ونقص الطعام وإنتشار الإمراض بينها.
5) التأثير على الثروة البحرية:
- تناقص بأعداد الأسماك نتيجة حموضة البحار وإرتفاع درجات الحرارة.
إن أيقاف الحروب في أي بقعة في العالم هي مصلحة عالمية تخص كل دولة دون إستثناء لأن هذه الظاهرة لا تستثني دولة عن أخرى, إضافة إلى وجود الخطط وتطبيقها لكل دولة للحد من إنبعاث هذه الغازات التي تؤدي إلى ظاهرة الإحتباس الحراري مثل: الإستغناء عن الوقود الإحفوري وإستخدام الطاقة البديلة من شمسية ورياح وإستبدال وسائل النقل لتعمل جميعها على الكهرباء والطاقة النظيفة ووضع خطط لحل الإزدحامات المرورية على الطرقات وإنشاء المدن الذكية والمنازل والمكاتب الذكية واستخدام التقنيات الحديثة والذكية في الصناعة والزراعة, وحوسبة جميع الخدمات المقدمة من قبل الحكومة وكذلك حوسبة جميع الخدمات التي يقدمها القطاع الخاص من بنوك وشركات تأمين وغيرها... والمراقبات الأمنية الذكية للمناطق الحرجية ومصادر المياه للمحافظة عليها من العبث وسرعة التدخل لتقليل الخسائر خصوصاً في حالات حرائق الغابات فحريق واحد قد يخلّف كربوناً أكثر من 6 محطات لتوليد الطاقة , وزراعة الأشجار الحرجية والإكثار من الحدائق والتقليل من النفايات بتدويرها وإستخدام ما يتم تحلله دون أن يترك أثراً على البيئة والإقتصاد في الطعام وإستخدام الماء والمحافظة على البيئة وإدخال هذه الثقافة كمنهج لدى طلاب المدارس, كل ذلك لنتجنب حصول هذه الكوارث بعد عشرين عاماً.
*رئيس مجلس إدارة شركة جوبكينز الأمريكية
* مستشار مجموعة DDL الأمريكية-CDAG
mhaddadin@jobkins.com