أصحاب العبقريات شخصيات خالدة اتسمت بسمات متميزة وسلوك فذ وذكاء منقطع ودهاء جم أدى إلى تخليد أسمائهم واعمالهم في سجلات التاريخ لتبقى مضيئة عبر الزمن ونبراسا ساطعا لمن أراد أن يعتبر ويتخذ من نهجهم نهجا ومن المعيتهم درسا ومن بروزهم اسما وعلما حيا يعيش في ضمائر القادة والسادة ومن تبعهم واختط خطهم ومشى في ركبهم.
هؤلاء العباقرة هم بشر من البشر واناس من الناس ومن كوكب الأرض وليس من غيره واكلوا مما يأكل الآخرون وشربوا من موارده وعاشوا حياتهم أحياء مولعون بحب العمل وطلب العلا والمجد ولم يناموا على الوثير ولم يلبسوا الحرير ولم ينشدوا المال الوفير وإنما صنعوا التاريخ قبل أن يخلدهم وحددوا المواقف قبل أن يبلغهم الحدث وكانوا قادة وسادة وصناع مجد وأصحاب دراية ورواية واسسوا واقاموا وبنوا بسعة صدورهم وقوة عزيمتهم ورباطة جأشهم وايمانهم ويصبرهم ومراسهم فسهلوا الصعب واماطوا اللثام عن الغموض ونخروا الصخر برؤوس الأسنة وحاكوا المستحيلات فاستحابت لهم الدنيا وفق خواطرهم وركبوا المجد رغما عن المهددات والمنغصات.
يقرأ السلاطين كتاب الأمير لميكافيلي ليتعرفوا على صفات الأمير وكيفية سلوك الطريق وسياسة الرعية ولا يقرأون عبقرية الصديق وعبقرية عمر للعقاد فشتان بين الوجهين وسعة الطموح وتحقيق الهدف الذي يختلج صدورهم وبين ما تلقيه قراءة الأول عن الثاني من سمو ورعاية واصالة واقتدار.
رأب الصدع وسد الذريعة وركوب المجد وجني الاستقامة درع القيادة وسياجها وحصنها الحصين ومانعها الأصيل.