الذكرى 74 للنكبة .. وعدالة البوصلة
المحامي فايز بصبوص الدوايمة
17-05-2022 12:06 AM
عندما يستحضر المرء الذاكرة المستدامة لمعاناة ومقاومة الشعب الفلسطيني على مدار هذا التاريخ وخاصة عندما تحل ذكرى اغتصاب فلسطين يتساءل المرء عن تلك الجدلية غير العادلة ما بين احتفال كيان غاصب بذكرى تأسيسه، وما بين احياء لذكرى نكبة الشعب الفلسطيني فإنها توحي لأي قارئ أو متابع بأن الصراع العربي الصهيوني، وبشكل أدق الأزمة بين الشعب الفلسطيني والكيان الصهيوني، هو صراع وجود وليس صراع محاصصات مكانية جغرافية يسهل حلها.
إذن فالصراع ودون تحفظ هو وجودي سيادي يقاوم سياسة الاقتلاع والتمييز العنصري على أساس الهوية الدينية لأطرافه، إنه صراع حقيقي ضد سياسة الاقتلاع والإحلال، واعني هنا أنها الذكرى 74 لاقتلاع شعب من أرضه وإحلال مستوطين في البعد المكاني والذي يستمر حتى يومنا هذا، ولذلك فإن ملامح الذكرى 74 للنكبة الفلسطينية يشمل سمات مميزة، خاصة أن سياسة الاقتلاع التي تمارس في النقب، والإحلال الذي يمارس في الشيخ جراح وميسلون (مسافر يطة في الخليل) كل ذلك يعكس تماما نكبة الفلسطينين في عام 48، فهي نفس السياسات والتي قامت على أساس محوري بهدف طمس القضية الفلسطينية تحت يافطة أرض بلا شعب، إلى شعب دون أرض، وهو ما أجهضه الشعب الفلسطيني على مدار تاريخه، لأنه وضع أولى أولوياته النضالية في الحفاظ على الهوية الفلسطينية المستقلة، ذلك أنه وبحكم تاريخه النضالي قد تلمس خطورة المخطط الصهيوني باستهداف الهوية الفلسطينية المستقلة، أيضاً ما يميز هذه الذكرى في هذا العام هو توازيها مع نضال فلسطيني على مسار هذا العام من ما اطلقت عليه مصطلح الهبة الفلسطينية الجامعة، وخاصة عندما حددت القوى الفلسطينية كافة برنامجاً وطنياً يرتكز على هدف إجهاض مشروع الكيان الصهيوني القائم على مشروع التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى ومقاومة سياسة الإحلال.
هذا البرنامج الوطني قد انتصر فيه الشعب الفلسطيني وذلك لشمولية حراكه والذي امتد في معظم الأراضي التاريخية لفلسطين الحبيبة مراكما ومتكاملا مع الدور المحوري للدبلوماسية الأردنية لابقاء الاضواء مسلطة على الانتهاكات الصهيونية المستدامة ضد الشعب الفلسطيني ولمراكمة ازمة هذا الكيان وتلاشي صورته ككيان مستضعف ديمقراطي في المنطقة الى بروز جوهره الحقيقي ومضمونه والذي أخذ مساحته الحقيقية والطبيعية خاصة مع استهدافه العلني للإعلامية المخضرمة لقناة الجزيرة وصوت فلسطين الإعلامي المقاوم الشهيدة شيرين أبو عاقلة.
لذلك كله فإن الذكرى 74 تمازجت في إطار ذلك التحول نحو عدالة القضية الفلسطينية وخاصة على صعيد الرأي العام الدولي ليس شعبيا فقط، وإنما الرسمي والدولي انتهاء بالدعم الأممي والذي تجلى كنتيجة طبيعية لتصرفات الاحتلال الصهيوني، والتي تنم عن فوضى وإرباك وخوف وعدم الثقة في المستقبل الذي اعترى الكيان الصهيوني وتصرفاته محاولاً اقتلاع المكتسبات الفلسطينية الأخيرة والتي ما زالت تلقى تفاعلها في كل يوم.
إن الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وأماكن تواجده كان تواقاً لدعم عروبي.
ولكنه والحق يقال لم ير إسناداً معنوياً ومادياً وبالأخص دبلوماسياً كما تلمسه من الشعب الأردني العظيم وقيادته الفذة والتي فتحت معركتها الدبلوماسية ووظفت حكمت وشخصية جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين أمام العالم من أجل الإسناد الطبيعي للقضية الفلسطينية من خلال حضور هذه القضية أولوية على اجندة جلالة الملك عبدالله الثاني في كل لقاءاته وندواته وخطاباته وهو ما يقدره الشعب الفلسطيني.
ولذلك فإن كل القوى الفلسطينية قد أعادت التذكير بأن الوصاية الهاشمية خط أحمر وذلك كرد طبيعي على رئيس الكيان الصهيوني والذي صرح بأن الكيان الصهيوني هو وحده المسؤول عن مدينة القدس، وهذه رسالة فلسطينية بامتياز بأن النضال الفلسطيني تحكمه في هذه المرحلة الهوية والمكان والوصاية.
(الرأي)